كتب منير الربيع في “الجريدة” الكويتية:
يبدي «حزب الله» خشيةً ظاهرةً من أن تقلب عودة السفير السعودي وليد البخاري إلى لبنان موازين الانتخابات المقررة الشهر المقبل وتغير النتائج، ويعكس ذلك الضغوط التي مارسها الحزب لسحب 3 مرشحين شيعة متحالفين مع «القوات اللبنانية».
تشتد حماوة معركة الانتخابات اللبنانية المقررة في 6 و8 أيار المقبل في الخارج، وفي 15 من الشهر ذاته بالداخل. وبدأ العدّ العكسي قبل الوصول إلى يوم الاستحقاق، في حين يدور في الكواليس السياسية الكثير من التساؤلات حول احتمال حصول تحركات أمنية أو احتجاجية تؤدي إلى الإطاحة بالاستحقاق أو تأجيله.
الأجهزة الأمنية والجيش اللبناني يرفعون من جاهزيتهم من الآن وحتى موعد الانتخابات، في حين تشتد المعارك السياسية أكثر فأكثر، وكان من أحد أشكالها إصرار حزب «القوات اللبنانية» على طرح الثقة بوزير الخارجية عبدالله بوحبيب، احتجاجاً على طريقة إدارة وتنظيم العملية الانتخابية للبنانيين في الاغتراب.
الجلسة طارت
ويعترض «القوات» على آلية إدارة العملية الانتخابية في الخارج، خصوصاً أن كل الإحصاءات تشير إلى أن المغتربين اللبنانيين سيصوتون لمصلحة المعارضين لـ «حزب الله» والتيار الوطني الحرّ، ولمّا كان التيار يسعى إلى منع المغتربين من الإدلاء بأصواتهم وفشل في ذلك، فسيحاول إعاقة عملية التصويت من خلال الترتيبات اللوجستية أو توزيع الناخبين على مراكز اقتراع بعيدة مما يدفعهم إلى عدم الذهاب للإدلاء بأصواتهم.
وهذا الأمر هو الذي دفع نواب «القوات» إلى تقديم طلب طرح الثقة في وزير الخارجية، في سابقة من نوعها. وتلقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الكرة القواتية وسارع إلى الدعوة لجلسة نيابية، لكن يبدو أن الاتصالات نجحت في منع تأمين النصاب لعقد الجلسة، إذ ألغى بري الجلسة لعدم توافر النصاب.
قلق «حزب الله»
كل ذلك لا يخرج عن سياق تصعيد الحملات الانتخابية والاستعداد لها، فيما بدأ «حزب الله» يستشعر القلق الواضح من الحركة الانتخابية والسياسية التي يقوم بها خصومه، لا سيما بعد عودة السفير السعودي وليد البخاري، وتؤكد المعلومات أن هناك استياءً لدى الحزب من عودة سفراء دول الخليج، ومن حركتهم واللقاءات التي يعقدونها، بالإضافة إلى المؤشرات التي تفيد بأنهم نجحوا في تحفيز اللبنانيين على المشاركة في الانتخابات، ويسعون إلى تجميع الحلفاء مع بعضهم البعض.
وتشير مصادر سياسية واسعة الاطلاع إلى وجود قلق واضح داخل «حزب الله» من الحركة التي يقوم بها البخاري وتأثيراتها الانتخابية، وتفيد المصادر بأن حالة الثقة لدى الحزب وحلفائه بالوصول إلى الأكثرية النيابية لم تعد متوافرة، وهناك عمليات لإعادة إجراء دراسة لواقع الأرض، وإعادة تقييم من خلال إجراء العديد من الإحصاءات والدراسات.
وهذا يعني أن المرحلة الانتخابية دخلت في مرحلة مفصلية، فيما لم يعد «حزب الله» قادراً على التعاطي بشكل يعبر عن ارتياجه للنتائج الانتخابية وحسمها مسبقاً.
دائرة البقاع
وهذا يتكشف من خلال حجم الضغوط الكبيرة التي يمارسها على خصومه وعلى بعض المرشحين الشيعة المعارضين له وعلى لوائح القوات اللبنانية، خصوصاً ما جرى في دائرة البقاع الثالثة، إذ إن الحزب عمل على الضغط على ثلاثة مرشحين من الطائفة الشيعية للانسحاب، وهذا دليل على قلق الحزب داخل بيئته، بالإضافة إلى قلقه من عدم الحصول على الأكثرية النيابية.
وقال رفعت المصري ثالث مرشح شيعي بعد رامز ناصر قمهز وهيمن عباس مشيك، خلال مؤتمر صحافي عقده في منزله في بلدة الطيبة البقاعية: «عن الإمام علي عليه السلام انه قال أكرم عشيرتك فإنهم جناحك الذي به تطير، وأصلك الذي إليه تصير، ويدك التي بها تصول. وبناء على طلب العائلة الكريمة ونزولا عند رغبتها وقناعاتي بالخروج من هذا التنافس الانتخابي الذي لن يؤدي إلى الغرض الإصلاحي في بلد تتحكم فيه المحاصصات الطائفية والمذهبية، ونحن أبناء عائلة مقاومة أبا عن جد لها إرثها السياسي وتاريخها العريق، والتي تفخر بالسلاح، السلاح الموجه ضد العدوين الصهيوني والتكفيري».
وأوضح المصري: «مادام العدو الإسرائيلي مستمرا بعدوانه وغطرسته على لبنان، نحن ملتحمون مع المقاومة اللبنانية ومعنا الأغلبية العظمى من الشعب اللبناني، وبما أنه لا جدوى من هذه الانتخابات والمشاركة فيها، لذا أعلن انسحابي من الترشح للانتخابات النيابية على لائحة بناء الدولة، والتي كنت عضوا فيها، متمنيا لها كل التوفيق».