كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في “الراي” الكويتية:
لم يكن أكثر تعبيراً عن «الأرض المتحرّكة» التي تقف عليها الانتخاباتُ النيابيةُ في لبنان على مرمى 14 يوماً من حصولها للمُقيمين من أن يأتي سيْلُ «التطميناتِ» إلى أن استحقاقَ 15 أيار «مَمْسوكٌ» أمنياً ومالياً ولوجستياً وإدارياً مُدَجَّجاً بـ «كتلة مخاوف» ما زالت تعتمل من أن يُطاحَ بهذه المحطة المفصلية بـ «قرارٍ كبيرٍ» يَستخدم أحد «أزرار التفجير» الكثيرة أو بـ «كرةِ نارٍ» أو أخرى تتدحرج بدفْعٍ من العصف السياسي – الانتخابي الذي بدأ يشتدّ ويُنْذِر بمزيد من الفصول العاتية أو من تشظيات الانهيار الشامل وفواجعه وليس آخرها مأساة قارب الموت في بحر طرابلس.
فقبل 5 أيام على الجولة الأولى من اقتراعِ المُغْتَرِبين في عددٍ من الدول بينها بلدان الخليج العربي (الجولة الثانية في 8 مايو للدول الأخرى التي يصادف الأحد عطلة رسمية فيها) والتي من شأنها إعطاءُ إشارةِ الانطلاقِ الجديةِ لانتخابات 15 مايو، بدت الخريطةُ اللبنانية من أقصاها إلى أقصاها وكأنها تحوّلت «صندوق فرجة» من غرائب وعجائب سياسية و«حملات ضارية» وضارّة للمناخات التي كان يفترض أن تكون «تمريناً ديموقراطياً» وتنافُساً بالبرامج لا بما يشبه «البرمجيات الخبيثة» التي تلعب على الغرائز وتنكأ الجِراح وتحيي ذاكرة الحرب والدم.
وفي حين بقي الغموض يلفّ مدى نجاح عمليات التعبئة، التي انتقلتْ معها الماكينات الانتخابية إلى مرحلة إدارة محركاتها بأقصى قوّتها، في اجتذاب الناخبين المترددين أو الذين امتنعوا عن التصويت في استحقاق 2018 (وناهزت نسبتهم 51 في المئة) باعتبار أن «تحرُّك» هؤلاء في اتجاه أو آخر من شأنه نسْف عمليات المحاكاة التي «قاست» على أساسها أطراف الانتخابات الحزبية ومن المجتمع المدني حساباتها، فإنّ السلطة مضت في محاولة إكمال جهوزيّتها لإدارة استحقاق وكأنه يُنظَّم بـ «اللحم الحي» لدولةٍ تحوّلت «هيكلاً عظمياً» نَهَشَ الانهيار مؤسساتها وإداراتها وترك مواطنيها «لقمةً سائغةً» للبؤس والاختناقات المتمددة.
وأمس حرص وزير الداخلية بسام مولوي على تأكيد «ان الأجهزة الأمنية جاهزة بشكل تام لاتخاذ التدابير اللازمة حفاظاً على الاستقرار والهدوء في يوم الانتخابات»، موضحاً بعد اجتماع لمجلس الأمن الداخلي المركزي ان «المجتمعين أكدوا ضرورة منع التجمعات الكبيرة التي قد تؤدي إلى خلل أمني ووقف الأنشطة الرياضية والمباريات»، ولافتاً الى «اننا سنعطي كل التعليمات اللازمة لجميع البلديات لتكون بتصرّف المحافطين والأجهزة الأمنية التي نحددها للقيام بعمليات معينة ومحددة لإنجاح العملية الانتخابية».
وجاء تطمين وزير الداخلية غداة مخاوف أثيرت في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، الذي انعقد تحت عنوان «التنسيق الأمني والإداري لإنجاز الانتخابات من دون أي إشكال»، من معوقات مالية ولوجستية يُخشى أن تعرقل العملية الانتخابية، وسط كلام لوزير الخارجية عبدالله بو حبيب عن «أننا بحاجة لـ (كاش) للدفع للموظفين في الانتخابات ووزير المال قال إنه سيؤمن المبلغ»، وتأكيد الأخير «اننا نسعى إلى تأمين 380 مليار ليرة قبل 15 أيار من ضمنه (مخصصات) الموظفين الذين سيشاركون في إدارة العملية الانتخابية».
واستوقف العديد من الأوساط السياسية أن الأيام الـ 14 الأخيرة قبل الاستحقاق الكبير باتت محكومة بمساريْن:
الأول سباق السلطات المعنية مع الوقت لإكمال نصاب التحضيرات لانتخاباتٍ يواكبها الخارج عن كثب لِما سيترتب عليها من تأثيراتٍ على التوازنات السياسية الداخلية، باتت تكتسب أبعاداً بالغة الأهمية في ظلّ اقتراب دخول المنطقة من مرحلة جديدة في مسار ترسيم النفوذ وهذه المرة على وهج الاتفاق النووي المرتقب إحياؤه مع إيران.
والثاني «شَحْذُ السكاكين» الانتخابية بين القوى المتصارعة والذي يُرتقب أن يتخذ منحى أكثر حدة في الأيام المقبلة، مع ترْك غالبية القوى «الأسلحة الثقيلة» التجييشية لربعِ الساعة الأخير الذي ستكثر فيه الجولاتُ الميدانية و«حربُ المنابر» بـ «حِرابٍ» من مختلف «العيارات»، وسط مخاوفَ من مفاجآت أمنية تطلّ من منطقة أو أخرى في ظلّ الحساسيات الكبرى و«المتاريس» السياسية التي لا تخلو من فتائل طائفية التي لم تنفكّ ترتفع بين قوى وازنة سواء امتداداً لـ «معارك مزمنة» وكامنة «تحت الرماد» أو كنتيجة للاستنهاض الانتخابي «بلا محرّمات».