كتب منير الربيع في “المدن”:
لا تزال الانتخابات عرضة لتشكيك جهات عدة في إمكان حصولها. وإذا كان لبنان قد دخل عمليًا في المدار الانتخابي، فإن الاحتمالات كلها تظل واردة ومفتوحة. تشهد الساحة السياسية كمًا هائلًا من المواقف المتضاربة والمتناقضة ومن التقديرات المتباينة، على الرغم أن أيامًا قليلة تفصل اللبنانيين عن اليوم الانتخابي.
احتمال إطاحة الانتخابات
هناك مخاوف كبيرة من إمكان عدم حصولها، نتيجة إشكالات متعددة قد تحصل ربما يوم الاقتراع. يظل هذا هو الخطر الأكبر. فافتعال إشكالات أو خلافات قد تحول دون إجراء الانتخابات يوم 15 أيار، فيما تقتصر ولاية المجلس النيابي على 5 أيام فقط. لذا لن تكون محسومةً قدرة المجلس على الالتئام لتمديد ولايته، في ظل مقاطعات أو ربما استمرار الإشكالات التي ستحول دون وصول النواب إلى البرلمان لإقرار التمديد. وهذا يعني دخول لبنان في منعطف خطير تتداعى خلاله كل المؤسسات والسلطات.
قد يكون هذا الاحتمال شبه مستحيل، ولكنه يظل واردًا، وربما يتحدد ذلك خلال مؤشرات الإقبال على صناديق الاقتراع في بلاد الاغتراب، إضافة إلى إجراء استطلاعات للرأي لفهم مسار توجهات الناخبين ولصالح من تصب. وعندها قد يلجأ الطرف المتضرر للتحضير لعملية الإطاحة بالاستحقاق كنوع من الالتفاف على نتائجه.
حزب الله ويقينه المتراجع
هناك طرف لبناني معارض لحزب الله، يعتبر أن الحزب عينه أصر في انتخابات العام 2009 على الحصول على الأكثرية النيابية. وقبل أيام من ذلك الاستحقاق كانت تقديرات حزب الله تشير إلى أنه سيحصل على الأكثرية. وهذا ما قلبته الوقائع يوم الانتخابات. وقبل مدة استذكر السيد حسن نصر الله تلك الواقعة، معتبرًا أن كل الموازين قد تنقلب في هذا الاستحقاق أيضًا. ويكمل معارضو الحزب في قراءتهم بأن الاستحقاقات النيابية في العامين 2013 و2017 أُجِّلت ومُدد للمجلس النيابي، لأن الحزب لم يكن واثقًا من قدرته على تحصيل الأكثرية. وجرت الانتخابات في العام 2018 بعد إقرار قانون انتخابي جديد يضمن ما يريده حزب الله وحلفاؤه.
منذ مدة وحزب الله على يقين من حصوله على الأكثرية في الانتخابات المقبلة. استفاد من غياب الرئيس سعد الحريري، فاعتبر أن ذلك فرصة أساسية لطموحه في الفوز بأكثرية الثلثين. ولكن سرعان ما بدأت التقديرات تتراجع، لتصل إلى حوالى 70 نائبًا. وبعدها أصبحت المعركة محصورة بإمكان الحصول على الأكثرية. وهذا قد لا يكون متاحًا، وقد تكون كتلة حزب الله وحلفائه متوازية مع كتلة خصومه، وتبقى كتلة ثالثة في الوسط هي صاحبة ترجيح الكفّة.
ضمور باسيل وتياره
قد يؤثر هذا الوضع على مسار الانتخابات وربما على حصولها، خصوصًا أن التيار العوني يستشعر احتمال خسارته إلى حدّ كبير مسيحيًا، وتراجع عدد كتلته النيابية. ما يعني أن إجراء الانتخابات لا يناسبه. وهو يعيش خلافات في صفوفه وبين مرشحيه على اللوائح نفسها. وحتى جولات رئيس التيار جبران باسيل تنعكس سلبًا على الوضع بين المرشحين من تياره. وهذا حصل في عكار مثلًا، بين جيمي جبور وأسعد درغام. وفي جزين بين زياد أسود وأمل أبو زيد. وتشير المعلومات إلى أن التيار العوني يميل في هذه الانتخابات إلى دعم أبو زيد بقوة. الأمر الذي يعتبره أسود استهدافًا مباشرًا له، إضافة إلى عدم توفير حواضن ناخبة ترفد التيار بالأصوات اللازمة. وهذا
ما يعانيه في صيدا وفي دائرة الشمال الثالثة، بخلاف ما كان الوضع عليه في انتخابات العام 2018، حين كان التيار متحالفًا مع ميشال معوض، وحصل باسيل على أصوات السنّة في البترون بموقف مباشر من سعد الحريري.
كل هذه العوامل قد تؤثر سلبًا على مسار الانتخابات، خصوصًا إذا ما استشعر التيار العوني المزيد من المخاطر. وقد يعمد إلى إقناع حزب الله بضرورة تأجيل الاستحقاق. لكن الأهم هو ما يريد التيار الإيحاء به: خصومه هم الذين يريدون تأجيل الانتخابات.