كتبت كارول سلوم في “اللواء”:
فعلياً دخلت البلاد في فلك الإنتخابات النيابية وما يسجل في المهلة الفاصلة عن هذا الإستحقاق، من مواقف مرتفعة السقف ينذر بمعارك في جميع المناطق اللبنانية ، معارك يخشى أن تتنقل وتقضي على اليوم الأنتخابي حتى قبل انتهائه . واستباقا لهذا النهار ، وضع المجلس الأعلى للدفاع في جلسته الأخيرة خارطة طريقها قوامها قرارات ذات طابع امني مواكبة للانتخابات. لم يشر المجتمعون في ذلك الإجتماع إلى أية هواجس يمكن لها أن ترافقها، لكن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي اوضح أنه ما لم يُصَرْ إلى التأسيس لمناخات ايجابية، فقد تكون البلاد مقبلة على مزيد من الإشكالات. ولأن المحطة المرتقبة ، مفصلية فإن الكلام الذي يطلق من هذا الحزب أو ذاك أو حتى من القوى التغييرية المختلفة يضعها في سياق معركة الحياة أو الموت. وفي هذه الفترة بالذات، يشتد العصب ويتم توجيه النداءات للمشاركة وعدم المقاطعة وفي الوقت نفسه، يكثر التأكيد الرسمي أن الإنتخابات حاصلة حاصلة ولا مبرر من عدم إجرائها، ويكاد يصبح التأكيد مرافقا للحياة اليومية للبنانيين الذين يشكك بعضهم بها، لا بل أن قسماً لا يزال غير مقتنع بقيامها وسيظل محتفظا برأيه إلى حين حلول موعد الخامس عشر من ايار الجاري، وعند فتح صناديق الإقتراع . لا يبدو المشهد الإنتخابي الراهن عند عدد من المتابعين سوى مشهد متوقع لجهة التجييش،والإتصالات، والجولات الإنتخابية والإحصاءات وترتيب عملية توزيع مندوبين داخل الأقلام وآخرين في الخارج. والعملية متواصلة اقله في الساعات المقبلة .
لكن دخول المعارضة أو قوى التغيير على الخط بات يحسب له ، والبعض منها ضامن لفوزه والبعض الآخر يسعى لتحقيق الخرق. وفي جميع الأحوال ، فإن هؤلاء يقلقون بعض الأحزاب والقوى التي تربعت على عرش المجلس النيابي لسنوات، ولهذه الغاية لم تترك وسيلة إلا ولجأت إليها من أجل المحافظة على أصوات الناخبين . وليس مبالغة في القول أن عددا من النواب يخشى من فقدان نيابته في الانتخابات المقبلة لمصلحة مرشحي المعارضة . في حين أن ثمة قوى مطمئنة على وضعها لا بل تعيش أحلاما زهرية.
فما هو الواقع اليوم ؟ تنطلق انتخابات المغتربين في الدول التي ينتشرون فيها، وهذه ليست «بروفا» لإنتخابات المقيمين ، لا بل تكاد تكون منفصلة لوقائع تتصل بالمناخات المرافقة وزيارات المرشحين إلى مراكز الإقتراع وما يدخل في سياقها وتحركات المناصرين وغيرها . وتقول مصادر سياسية مطلعة لصحيفة اللواء أنه لا يمكن أيضا اجراء مقارنة بينهما من جميع الجهات ، لكن اليوم قد تشكل صناديق اقتراع المغتربين الفرق أو تحسم نتيجة ربما ، مع العلم أن توجهات عدد منهم يشبه توجهات هؤلاء المقيمين بالنسبة إلى خيارات الناخبين من الأحزاب أو المعارضة مع ميلهم الأكبر إلى التغيير. وهنا يجدر التوقف عند انتفاء وجود إغراءات انتخابية لدى المغتربين كما هي الحال عليه لدى المقيمين الذين يعانون الأمرَّين.وتعد الإنتخابات التي تخاض يومي الجمعة والاحد مؤشرا لاسيما في ما خص نسب المشاركة مع العلم أن تسجيل المغتربين كان لافتا ، في حين أنه كتب ما كتب بالنسبة إلى الشوائب التي ظهرت مؤخرا .
وتلفت المصادر إلى أن ترقبا يرافق هاتين المحطتين، انما الترقب الأكبر قد يسجل في الأسبوع المقبل وتحديدا في نهاية الأسبوع ولدى بدء عملية الفرز.
وفق إقرار المعنيين ، فإن التحضيرات اللوجستية الإدارية والأمنية أنجزت وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقَّع جميع المراسيم المتصلة بالعملية الإنتخابية، في حين أن الموضوع المادي ينتظر تحويل وزارة المالية الإعتمادات إلى وزارة الداخلية، ووزير المال يوسف خليل سبق له أن أعلن أن المسألة تصبح منجزة قبل الإستحقاق الانتخابي، وتلفت المصادر إلى أن أية صعوبات واجهت انتخابات المغتربين كان رئيس الجمهورية يوصي بالإسراع في تذليلها، ومعلوم أنها من صلاحية وزيري الخارجية عبدالله بوحبيب والداخلية بسام مولوي. وعلمت اللواء أن وزير الخارجية وضع رئيس الجمهورية في اجواء الترتيبات المتصلة بالانتخابات وغرفة العمليات التي أنشئت في الوزارة. وتقول أن لا دور مباشرا لرئيس الجمهورية في الأمور اللوجستية.
وتفيد أن سلسلة اجتماعات امنية عقدت ويتوقع لها أن تستكمل من أجل متابعة التنسيق الأمني بين الأجهزة التي ستواكب العملية الإنتخابية. وتنفي المصادر أي كلام عن تململ عناصر امنية جراء فرزهم في مناطق بعيدة وتكبدهم تكلفة التنقل . وهنا تلفت إلى ان مطالبات رفعت بصرف نوع من المساعدة للعسكريين قبيل موعد الإنتخابات. في حين انه تردد أن المساعدات قد تصرف بعد اتمام هذا الموعد. وهناك معلومات تشير إلى أن بعض العناصر اتفقوا في ما بينهم على استخدام سيارات مشتركة لاسيما في مراكز الاقتراع التي توزعوا عليها وتعد قريبة من بعضها البعض.على أن الاختبار الأكبر يكمن في تدخل الأمنيين في الوقت المناسب عند وقوع الإشكالات وضبط أي خلل، على ان المعنيين يقولون أن الأوضاع تحت السيطرة.
وتبقى الحماسة الشعبية من عدمها مرهونة بسلسلة خطوات واتصالات، ولقد اعتاد اللبناني أن يحسم أمره في أي قرار في الربع الساعة الأخير . ..
والى حلول موعد الخامس عشر من ايار ، فإن الصورة مفتوحة على رتابة معينة أو مفاجآت أو غير ذلك.
فهل ترتب في خلالها أيضا خيارات اللبنانيين ومزاجهم؟ وهل يعود البعض عن خيار المقاطعة ؟