كتب أحمد الأيوبي في “اللواء”:
تلقى النائب جبران باسيل عبر القنوات القائمة بينه وبين «حزب الله» أنّ الأمين العام للحزب أعطى رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية وعداً مشفوعاً بالتأكيد على أنّه نهائي، بدعمه للوصول إلى رئاسة الجمهورية في تأكيد لوعده السابق بعد انتخاب العماد ميشال عون وتمرير فرنجية لذلك الاستحقاق والإسهام في تأمين النصاب والتعاون مع الحزب في هذا السبيل.
هذا الوعد لفرنجية جاء بعد مدة قصيرة من الإفطار الشهير الذي نظّمه نصرالله لباسيل وفرنجية، ولم يجرِ فيه الحديث عن الاستحقاق الرئاسي، بل كانت الغاية منه تهيئة الأجواء مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، للبناء على المصالحة بين الرجلين، والحيلولة دون اندلاع مواجهة سياسية بينهما تؤثر سلباً في مسار التحالفات الانتخابية القائمة حالياً، وتمنع الاشتباك بينهما عند اقتراب موعد انتخاب الرئيس الجديد وللَجم باسيل عملياً عن تخريب خطة «حزب الله» في هذا الاتجاه.
يعلم باسيل أنّ موقف نصرالله ينطبق على بقية أفرقاء تحالف الثامن من آذار، بدءاً من الرئيس نبيه بري، والحزب السوري القومي الاجتماعي والنواب السنة التابعين لحزب الله، ومنهم النائبان فيصل كرامي وجهاد الصمد، فضلاً عن الرئيس نجيب ميقاتي، وهذا يجعل فرنجية في وضع متقدّم.
باسيل يرفض ويخرّب
لم يقبل باسيل بهذا الطرح مطلقاً، واتجه إلى تخريب الانتخابات وتهيئة الأجواء للطعن فيها، وفي هذا الإطار جاءت «زيارته» إلى عكار، والتي سبقها توتير متعمّد واستفزازات واسعة من أنصار، وصلت إلى حمل السلاح واستفزاز أهالي المنطقة التي قرّر تنظيم لقاء انتخابي فيها، وهي منطقة رحبة.
تلقى باسيل تقارير ونصائح أمنية واستشارية واضح تفيد بتوتر الوضع ميدانياً، وباحتمال حصول صدامات في الشارع، ولكنه رغم ذلك، بقي مُصِرّاً على القدوم إلى عكار وتحدّي الأهالي الذي أعلنوا مسبقاً رفضهم لهذا الحضور.
ولزيادة منسوب التوتر، إستقوى باسيل بقوّة مؤلّلة من الحرس الجمهوري، قامت باقتحام العوائق التي وضعها المحتجون لقطع الطريق على موكبه، وقامت بإزاحة السيارات الموضوعة كعوائق بالملالات ليتمكّن من الوصول إلى مكان اللقاء الانتخابي المقرّر من التيار الوطني الحرّ، والذي تأخر إتمام عقده لأكثر من 3 ساعات تقريباً بسبب إقدام أعداد من المعترضين على زيارة باسيل إلى المنطقة على قطع الطرقات وبخاصة عند مدخل بلدة رحبة وحصول احتكاكات ومواجهات وعمليات رشق حجارة إلى حين تدخلت قوة من الجيش وأعادت فتح الطرقات.
لم يستطع باسيل إكمال اللقاء الانتخابي نظراً لأنّ السكان في الجوار واصلوا احتجاجاتهم وقاموا برمي الحجارة على المشاركين.
ألقى الوزير باسيل خطاباً مكتوباً، حيث قال: «يكفيني فرحاً واعتزازاً أننا اليوم معاً على أرض عكار. هذه الزيارة ولمجرد حصولها بعد كل الذي حصل مؤشر على إصرارنا أن التيار الوطني الحر هو موجود في كل منطقة من لبنان ولا أحد بإمكانه منعنا من زيارة مناطقنا ورفاقنا وأهلنا في كل لبنان».
وأردف: «أنا أتيت اليوم لأتحدث بكلام هادئ لأهلنا في عكار (كتبت كي لا أخطئ)، لكن أريد أن أسأل بعض الأسئلة من وحي ما حصل اليوم قبل بدء كلمتي لأنه ليس مقبولاً في الانتخابات وفي كل مرة نزور فيها منطقة تحصل مشكلة، هذا سؤال مطروح للحكومة ولرئيس وزرائها ولوزرائها وبخاصة وزيري الدفاع والداخلية، كيف نجري انتخابات في بلد بتكافؤ فرص إذا ليس بإمكاننا زيارة منطقة كعكار، التيار الوطني الحر وحلفائه لديهم القدرة فيها على ايصال 3 نواب؟، كيف بإمكاننا الوصول وهناك قطع طرقات وضرب حجار ومسلحين؟ كيف بإمكان الناس الوصول إلى الانتخابات ولا نقر لهم الميغاسنتر كي يتمكنوا من الاقتراع حيث هم موجودون، وإذا لم نؤمن لهم الأمان؟».
تمهيد للطعن بالانتخابات
مهّد باسيل بهذه الخطوة وبهذا الخطاب ليقول لاحقاً إنّه إذا لم يحصل على ثلاثة نواب في عكار نتيجة الانتخابات، فإنّه سيعتبر أنّ التيار الوطني الحرّ مستهدف ولم تتوفر له الفرص المتكافئة لخوض الانتخابات النيابية، وسيطعن في النتائج وسيطالب بإعادة الانتخابات في عكار.
لكن فات باسيل أنّه لو كانت المنطقة التي يقصدها مؤيّدة له بالفعل، لما كان هذا الحشد الكبير من المواطنين تصدّى له ورفض استقباله في منطقته.
مواصلة الجولات الاستفزازية
تابع باسيل جولاته الاستفزازية في البقاع وأحدث جلبة كما افتعل الضجة في عكار، ومن المتوقع أن يواصل جولاته الاستفزازية في بقية المناطق الحسّاسة وأن يفتعل هذا النوع من الاستفزازات الصدامات، ولو أدّى ذلك إلى إسالة الدماء، لوضع أسس الطعن بالانتخابات على أساس منع التيار العوني من تنظيم حملاته ونشاطه الانتخابي وغياب الديمقراطية والشفافية، وفي هذا السياق يأتي اتهامه للقوات اللبنانية وحزب الكتائب بتجاوز السقف القانوني في الصرف الانتخابي.
ولتوضيح هذه النقطة نشير إلى أنّ رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إتهم خصميه في الانتخابات النيابية المقبلة «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» بـ«تجاوز سقوف الإنفاق الانتخابي»، وتقدم بدعوى ضدهما أمام هيئة الإشراف على الانتخابات.
وحسب التقارير الإعلامية، فإنّ «التيار الوطني الحر» عن نشر الإعلانات على الطرقات، ويقول إنه لا يملك المال الكافي لتغطية نفقات تلك الحملات الإعلانية، كما لا يملك المال الكافي لتغطية نفقات ظهور مرشحيه في وسائل الإعلام. ويتهم خصميه في الشارع المسيحي بأنهما يمتلكان المال الكافي لتغطية تلك الحملات الإعلانية، وقد أشار باسيل إلى ذلك أخيراً في مقابلة تلفزيونية، من غير تسميتهما.
لكن باسيل، حوّل الاتهام إلى دعوى قضائية، من غير أن يحدد كيفية الحصول على تقديرات بأن خصميه تجاوزا سقف الإنفاق الانتخابي «إلى حد بعيد وبشكل فاضح»، بحسب ما ذكر موقع «تيار أورغ» الناطق باسم التيار الوطني الحر. وقال إن باسيل «طلب إحالة المخالفين إلى النيابة العامة المختصة لانطباق وصف الجرائم المالية والجزائية على مخالفاتهم الثابت ارتكابها».
ولفت باسيل في الشكوى «إلى تكاثر الإعلانات الخاصة بحزبي (الكتائب) و(القوات) لدرجة فضح ظاهرها الكلفة الحقيقية، وأكد تجاوزها سقف الإنفاق المسموح به»، مشيراً إلى أنه «لا يُعقل أن يبقى هذا الكم من الإعلانات دون سقف الإنفاق بمعزل عن صحة البيانات الحسابية التي يتم التقدم بها، ومع التأكيد على التفاوت الكبير لمصلحة القوات على الكتائب».
نلاحظ هنا أنّ باسيل مدرك أنّه لا يملك الأدلة على ما يدعيه من تجاوز القوات والكتائب للسقف المالي الانتخابي، لكنّه يريد تسجيل الدعوى، كورقة إضافية على طريق الطعن بالانتخابات النيابية.
إرادة التعطيل للاستحقاقات الدستورية
وبناءً على ما تقدّم من وقائع، وما توافر من معلومات، يتضح أنّ باسيل ذاهب في اتجاه تخريب الانتخابات ميدانياً، ومحاولة فرض التمديد للرئيس ميشال عون وتعطيل الاستحقاقات الدستورية، إلى حين فرض تسميته وانتخابه رئيساً للجمهورية، خاصة إذا تعرّض التيار الوطني الحرّ لخسائر وهزائم في الانتخابات النيابية المقررة في 15 أيار الجاري.
وينقل مقربون عن باسيل أنّه سُئل عمّا إذا كان سيؤيِّد انتخاب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، أكّد رفضه القاطع لهذا الأمر وأنّه سيعمل على عرقلته بكل الوسائل المتاحة.
وحسب مصادرنا المتعدّدة، فإنّ باسيل سيرفض مجاراة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في مسعاه لإقناعه باستيعاب قرار دعم فرنجية، وسيؤدي ذلك إلى وقوع صدام حادّ بين باسيل وباقي أفرقاء حلف الممانعة، وهذا سينتهي بعزله سياسياً بالنتيجة النهائية.
بناءاً على ما تقدّم، من المنتظر أن يواصل باسيل تصعيده وتحركاته الاستفزازية في المناطق اللبنانية، محاولاً الإفادة منها في اتجاهين:
ــ الأول: تحريك العصب الانتخابي لأنصاره بذريعة الاضطهاد ومواجهة السلطة التي تتآمر عليه وتريد حرمانه من تحقيق الأغلبية المسيحية في الانتخابات، مغ إظهار الغطرسة والإصرار على هذا النوع من التحركات لإظهار شكل من أشكال القوة الاعتراضية لدى جمهور التيار الحر.
ــ الثاني: التمهيد لمرحلة الطعن بالانتخابات النيابية، خاصة إذا جاءت نتائجها على غير ما يشتهي باسيل.