كتب حسن الدر في “اللواء”:
«الآن بضع كلمات مهمّة، ومهمّة للغاية، لأولئك الّذين قد يميلون للتّدخّل من الخارج في الأحداث الجارية.. كلّ من يحاول التّدخّل معنا لخلق تهديدات لبلدنا وشعبنا، يجب أن يعلم أن ردّ روسيا سيكون فوريًّا وسيقود إلى عواقب غير مسبوقة في التّاريخ… أتمنّى أن يتمّ سماعي»!
«فلاديمير بوتين» ٢٤ شباط ٢٠٢٢
لم يصغِ الغرب لتحذيرات «بوتين» ولم يأخذ تهديداته ومخاوفه على محمل الجد..
وبعد ٧٧ عامًا على سقوط «برلين» وهزيمة النّازيين وانتحار زعيمهم «أدواف هتلر» تحتفل روسيا بـ «يوم النّصر» في ظلّ العمليّة العسكريّة الّتي تنفّذها في «أوكرانيا» للتّخلّص ممّن أسماهم «بوتين» بـ «النّازيين الجدد»!
لكنّ «كييف» لم تسقط، والأهداف لم تتحقّق كلّها بعد مرور ٧٥ يومًا على بدء الحرب!
ومن المفارقات المرافقة لهذه الحرب، أنّ الغرب ينعت «بوتين» بـ «هتلر الجديد» وتنعت روسيا الرئيس الاوكراني «زيلينسكي»، ذا الأصول اليهوديّة، بالنّازي، و «واشنطن» الّتي كانت حليفة «موسكو» في الحرب العالميّة الثّانية هي الّتي تقود الحرب ضدّها في «أوكرانيا» وتديرها من ألفها إلى يائها.
ورغم الغموض الّذي يلفّ سير العمليات العسكرية منذ انطلاقها في ٢٤ شباط الماضي، وتكتّم الجيش الروسي عن خسائره الّتي يبالغ الغرب في تضخيمها، إلّا أنّ تقارير استخباراتيّة وإعلاميّة، ذات مدلولات خطيرة، برزت في الأيّام الماضية، تشير بوضوح إلى حقيقة الصّراع، وتؤكّد بأنّ الأراضي الأوكرانيّة مجرّد مسرح عمليّات ميدانيّة، وبقايا جيشها أدوات بشريّة لتنفيذ الأجندة الأمريكيّة.
هذا ما أكّدته صحيفة «نيويورك تايمز» في مقالها الّذي أثار ضجّة وجدلًا كبيرًا داخل الولايات المتحدة يوم الأربعاء الماضي.
المقال لثلاثة مراسليين ميدانيين أكّدوا فيه بأنّ الاستخبارات الأمريكيّة ساهمت بشكل مباشر في اغتيال ١٢ جنرالا روسيا كبيرًا في أوكرانيا!
يقول المراسلون، الّذين استقوا معلوماتهم من مصادر موثوقة في الجيش الأمريكيّ، أنّ الأقمار الاصطناعية العسكرية وأجهزة تعقّب الاتصالات، إضافة إلى عملاء ميدانيين ساعدوا بتحديد هويّات القادة الرّوس ومواقعهم وتمّ «تفجيرهم»(التعبير للصحيفة) باستخدام مسيّرات «سويتش بليد ٣٠٠» المتطوّرة والمصمّمة لاستهداف الافراد!
هذه المقالة ما دفعت بالنّاطقة باسم مجلس الامن القومي الأمريكي «أدريان واتسون» إلى نفي ما ورد فيها من معطيات ووصفتها بأنّها «غير مسؤولة».
وفي ذات السّياق، والّذي فُهم على أنّه رسائل مقصودة من قبل الأمريكيين لتأكيد تفوّقهم وتوظيف «انجازاتهم» لصالح «بايدن» المأزوم داخليًّا، أكّد أحد الجنرالات الأمريكيين عبر شبكة «أن بي سي نيوز» بأنّ الأقمار الاصطناعية العسكرية الأمريكية هي الّتي حدّدت موقع الطراد الرّوسي «موسكوفا» وزوّدت الاوكرانيين بإحداثيات دقيقة أدّت إلى استهدافه وإغراقه، في الضّربة الأقسى الّتي تلقّاها الجيش الرّوسي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
فكيف سيردّ «بوتين» اليوم؟
لهذا السّؤال أفردت صحيفة «فورين بوليسي» الأمريكيّة مقالًا خاصًّا كتبه ثلاثة من أهم الكتّاب المهتمّين في شؤون الأمن القومي، ووضعوا ثلاثة سيناريوهات قد يلجأ إليها «بوتين» في كلمته المرتقبة:
– الأوّل: استبدل «العمليّة العسكريّة» بحرب شاملة، ويعلن التعبئة العامّة لانهاء الحرب بالسرعة المطلوبة.
– الثّاني: الاعلان عن الهجوم الشامل على إقليم «الدونباس» خصوصا وأنّ روسيا تحشد قوات كبيرة على حدود الإقليم منذ أن تمّ الإعلان عن الانسحاب من مشارف «كييف» وغرب أوكرانيا.
– الثّالث: الاعلان عن ضمّ «ماريوبول» «وخيرسون» وغيرها من الأقاليم الّتي احتلّها، عبر استفتاء شعبيّ على غرار ما حصل في الثالث والعشرين من شهر شباط في إقليميّ «دونيتسك» و «لوغانسك».
يدرك الكتّاب بأن لا أحد يستطيع التّنبؤ بما يجول في عقل «بوتين»، فشخصيته «صعبة القراءة وصعبة التّوقّع» كما يصفه رئيس مجلس التّفاهم العربي البريطاني، «كريس دويل»!
لكنّ ما أعلنته وزارة الدفاع الروسية يشي بحساسية المرحلة وخطورتها، فلأول مرة منذ عام 2010 سيتمّ استعراض طائرة القيادة إلـ -80 المعروفة باسم «يوم القيامة»، المجهّزة لحمل كبار الضّبّاط في حال نشوب حرب نووية، والمصمّمة لتصبح مركز القيادة الطائر للرئيس الروسي في حالة حدوث مثل هذا السيناريو.
ولطالما شبّه «بوتين» الحرب في أوكرانيا بالتّحدّي الّذي واجهه الاتّحاد السّوفياتي عندما غزت ألمانيا النازية بزعامة «أدولف هتلر» بلاده سنة 1941.
فهل من يصغي لمخاوف «بوتين» وتحذيراته، أم أنّ العالم ذاهب إلى مزيد من الصّدام المدمّر؟!