كتب محمد بركات في “أساس ميديا”:
إذا كانت حرب تموز 2006 قد أنجبت لنا “النصر الإلهيّ”، فلماذا يُخيفنا منها حزب الله كلّ حينٍ وحين؟ لماذا يُخوِّف الشيعة من تكرارها؟ وبأيّ منطق يقول الأمين العامّ للحزب إنّ الانتخابات النيابية هي “حرب تموز سياسية”؟
سأجيب عن هذه الأسئلة.
يعرف حزب الله أنّ جمهوره من الشيعة اللبنانيين يخافون من تكرار حرب تموز. لا يخيفهم من داعش على سبيل المثال، ولا من السُنّة، ولا من المسيحيّين أو الدروز. يعرف الشيعة أنّ قيادتهم السياسية والعسكرية قد انتصرت وأخضعت قادة الطوائف الأخرى، بين ذمّيّين وتابعين ومستزلمين ومتنفّعين وطامحين وطامعين ومُشتَرين ومُباعين.
يعرف حزب الله أنّ جمهوره متيقّن من عدم وجود أيّ تهديد “سياسي” أو “عسكري” له داخل لبنان. وبالتالي فهو يحتاج إلى استنفار خوفٍ دفين، وجرحٍ عميق، وذكرياتٍ مؤلمة. كيف يخلق “بعبعاً” يُخيف منه أنصاره وجماعته؟
ما عاد هناك “أحمد الأسير” ولا “طرابلس قندهار” ولا “إرهابيون” تلقي الأجهزة الأمنيّة القبض على عشرات القادة منهم في الكيلومتر وفي الساعة، ثمّ تُفرج عنهم بعد أيّام “ولا من شاف ولا من دري”، لأنّ معظمهم نتيجة “تركيب أفلام”.
المؤسف أنّ حزب الله يدرك تماماً كيف أنّ جمهوره يخشى من تكرار “حرب تموز”. فيخوّفهم بها. هي التي يفترض أنّها كانت بوّابة “النصر الإلهيّ” حين “ولّى زمن الهزائم”.
في الأساس، يريدنا حزب الله أن نقيم دائماً في الخوف. الذين وُلدوا من بيننا على المذهب الشيعيّ، في بلدات ومدن شيعيّة الأكثريّة، والذين وُلدوا في أيّ بقعة من لبنان.
يريدنا أن نقيم دائماً في 33 يوماً، بين 12 تموز و14 آب 2006. فحين يذكِّركم بحرب تموز: ماذا تتذكّرون منها؟ الملجأ؟ الخوف؟ الموت على بعد غارة؟ الاكتظاظ في المدارس؟ اللجوء إلى منزل صديق أو قريب؟ الجوع؟ التشرّد؟ البيوت المهدّمة؟ المباني التي تقبّل جباهها الأرض؟
في حرب تموز مَن منكم كان يفكّر في الجامعة؟ في التأمين الصحّيّ؟ في وديعته في المصرف؟ في الزواج أو الخطوبة؟ في السياحة والسفر؟ في السهر والملاهي الليليّة أو في التنزّه على شاطىء البحر؟