كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
يتضمّن جدول أعمال مجلس الوزراء الذي سيُعقد اليوم، عرض وزارة الطاقة والمياه حول منح تراخيص لبناء محطات لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وهو مؤجّل من جلسة 5 أيار الماضية. فما هي حيثيات هذا القرار؟ ومدى قانونيته؟ ولماذا تمّ تأجيله؟
أولاً، إنّ الآلية المعتمدة من جانب وزير الطاقة لاختيار الشركات الـ11 الواردة في الطلب، لمنحها التراخيص، هي موضع تشكيك في قانونيتها، لكونها مخالفة لقانون المحاسبة العمومية، حسب أحد المعنيين، ذلك لأنّ القانون رقم 288 ينصّ على منح التراخيص بعد إجراء مناقصات عمومية، غير أنّ وزير الطاقة وليد فياض استند إلى اعلان نوايا (تعبير لا سند قانونياً له) أجري في 12 كانون الثاني 2017 في عهد الوزير السابق سيزار أبي خليل، قبل تكليف استشاري دولي لتحضير دفتر الشروط الخاص بالصفقة من موازنة المركز اللبناني لحفظ الطاقة، بند مساهمة المديرية العامة للاستثمار، وقد جرى فضّ العرض بتاريخ 30 تشرين الأول 2017 في قلم مكتب وزير الطاقة في خطوة لا تستند إلى أي نصّ قانوني، لا في نظام المناقصات ولا في قانون المحاسبة العمومية، كما أنّ تشكيل اللجنة المتخصصة بفضّ العرض غير قانوني وصادر عن مرجع غير مختصّ.
ويقول مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون في تغريدة له إنّ “وزير الطاقة استبق نفاذ قانون الشراء العام وحاول توريط الحكومة في تكريس نتائج استدراج عروض أجراه “مكتب” الوزير في العام 2017، لإعطاء تراخيص إنتاج طاقة شمسية لـ8 شركات، خلافاً للقانون 462، الذي يشترط لذلك إجراء مناقصة عمومية!”.
إذ يرى بيضون أنّ حلول مجلس الوزراء محلّ الهيئة الناظمة، لا يمكن فصله عن موجبات الهيئة الناظمة ما يعني أنّ هناك قواعد لعمل الهيئة لا يمكن تجاوزها، ومنها يتّصل بضرورة اجراء مناقصة عمومية اذا كانت قدرة الانتاج المطلوب الترخيص لها تتجاوز 25 ميغاوات.
وتنصّ المادة الخامسة من القانون رقم 462 تاريخ 2/ 9/ 2002 (تنظيم قطاع الكهرباء) “على إجراء مناقصات عامة للإنتاج بقدرات تتعدى 25 ميغاوات وللتوزيع في مناطق يتجاوز فيها عدد مستهلكي الطاقة الخمسين ألفاً”.
ووفق الطلب الوارد من وزارة الطاقة إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، فهي أطلقت “دعوة للقطاع الخاص للمشاركة في تقديم اعلان نوايا للاستثمار في بناء محطات الطاقة الشمسية الفوتوفولطية بقدرة كلية بين 120 و180 ميغاوات في كل المحافظات اللبنانية، بمعدل 30 إلى 45 ميغاوات في كلّ محافظة (ثلاثة مشاريع في كلّ محافظة)”.
ثانياً، وفق العرض المقدّم من وزارة الطاقة، فإنّ الطلب يستند إلى أحكام ومقتضيات القانون رقم 288 تاريخ 30/4/2014 الذي ينصّ على أنّه “وبصورة موَقتة، ولمدة سنتين، ولحين تعيين أعضاء الهيئة الناظمة واضطلاعها بمهامها، تمنح أذونات وتراخيص الانتاج بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراحيّ وزيريّ الطاقة والمياه والمالية”، وإلى أحكام القانون رقم 129 تاريخ 30 نيسان 2019 الذي أعاد العمل بأحكام القانون رقم 288 لمدة ثلاث سنوات إضافية. ما يعني أنّ مفاعيل القانون انتهت في 30 نيسان الماضي.
وعلم أنّ وزير الطاقة تنبّه متأخراً إلى أنّ طلب منح التراخيص قد يسقط اذا لم يعقد مجلس الوزراء جلسة له قبل انتهاء أحكام القانون 288، ما يحول دون قدرته على منح الترخيص لـ11 شركة بعد انقضاء المهلة القانونية. وعلى هذا الأساس، بدأ البحث عن فتوى قانونية تتيح لمجلس الوزراء منح التراخيص (اذا ما تأخر عقد الجلسة الى ما بعد 30 نيسان) في ظلّ غياب قانون يسمح له بالحلول محلّ الهيئة الناظمة، فجرى الاتفاق بين رئاستيّ الجمهورية والحكومة على تحضير موافقة استثنائية (جهّزت قبل انتهاء مهلة القانون)، مع أنّ الحكومة الكاملة الصلاحيات، تتيح لمجلس الوزراء منح التراخيص في حال صدر القرار عنه.
وبالفعل، فقد أبلغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الوزراء في الجلسة الماضية التي عقدت في 5 أيار، أنّ ثمة موافقة استثنائية جاهزة لتجاوز أحكام القانون 288 الذي انتهت مفاعليه في 30 نيسان الماضي، إلا أنّ بعض الوزراء طلب مزيداً من الوقت قبل ابداء الرأي، مع العلم أنّ المتابعين يؤكدون أنّ التراخيص الممنوحة وزّعت على قاعدة المحاصصة السياسية بين مختلف الأطراف، خصوصاً وأنّها تغطي كلّ المحافظات، وبالتالي من المرجّح أن يسلك القرار اليوم طريقه إلى الإقرار لتضمّ إليه الموافقة على سبيل التسوية.
الشركات طالبة الترخيص
الشركات الطالبة للترخيص هي على الشكل الآتي:
– تحالف ECOSYS- KACO ضمن محافظتيّ بعلبك-الهرمل والبقاع لفترة تشغيلية 25 عاماً مقابل سعر ثابت للكيلوواط ساعة الواحد وقدره 5,7 سنتات.
– تحالف DAWTEC- LOOOP- STAUNCH ضمن محافظتي بعلبك-الهرمل والبقاع لفترة تشغيلية 25 عاماً مقابل سعر ثابت للكيلوواط ساعة الواحد وقدره 5,7 سنتات.
– تحالف LABWE SOLAR ضمن محافظتي بعلبك-الهرمل والبقاع لفترة تشغيلية 25 عاماً مقابل سعر ثابت للكيلوواط ساعة الواحد وقدره 5,7 سنتات.
– تحالف JOUN PV ضمن محافظة جبل لبنان لفترة تشغيلية 25 عاماً مقابل سعر ثابت للكيلوواط ساعة الواحد وقدره 6,27 سنتات.
– تحالف SIBLINE SOLAR FARM ضمن محافظة جبل لبنان لفترة تشغيلية 25 عاماً مقابل سعر ثابت للكيلوواط ساعة الواحد وقدره 6,27 سنتات.
– تحالف E/ONE ضمن محافظة جبل لبنان لفترة تشغيلية 25 عاماً مقابل سعر ثابت للكيلوواط ساعة الواحد وقدره 6,27 سنتات.
– تحالف SOUTH POWER ضمن محافظتيّ لبنان الجنوبيّ والنبطية لفترة تشغيلية 25 عاماً مقابل سعر ثابت للكيلوواط ساعة الواحد وقدره 6,27 سنتات.
– تحالف RIMAT 15 ضمن محافظتيّ لبنان الجنوبيّ والنبطية لفترة تشغيلية 25 عاماً مقابل سعر ثابت للكيلوواط ساعة الواحد وقدره 6,27 سنتات.
– تحالف GDS- ET- NABATIYEH ضمن محافظتيّ لبنان الجنوبيّ والنبطية لفترة تشغيلية 25 عاماً مقابل سعر ثابت للكيلوواط ساعة الواحد وقدره 6,27 سنتات.
– تحالف KFIFANE- PHOENIX ضمن محافظتيّ لبنان الشمالي وعكار لفترة تشغيلية 25 عاماً مقابل سعر ثابت للكيلوواط ساعة الواحد وقدره 6,27 سنتات.
– تحالف ELECT- STC- SOLISTIS ضمن محافظتيّ لبنان الشمالي وعكار لفترة تشغيلية 25 عاماً مقابل سعر ثابت للكيلووات ساعة الواحد وقدره 6,27 سنتات.
هنا، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذه الشركات طالبة الترخيص ستبيع الطاقة المنتجة إلى مؤسسة كهرباء لبنان التي ستسدد الثمن على أساس “30% منه بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر صرف الدولار الأميركي على منصة صيرفة التابعة لمصرف لبنان ويتمّ دفع الـ70% المتبقية بالعملة الأجنبية”، كما يرد في متن الطلب، حيث يجوز السؤال لماذا الدفع بالعملة الأجنبية؟ ومن أين ستأتي مؤسسة كهرباء لبنان بالدولارات الطازجة؟ وكيف ستؤمنها اذا لم ترفع التعرفة؟ وهل جرى التدقيق في التقييم المنجز لهذه الشركات في العام 2017؟ هل لا تزال هذه الشركات على جهوزيتها المالية بعد وقوع الانهيار؟
في الخلاصة، إنّ الإسراع في بتّ هذه التراخيص مثير للريبة، اذ إنّ الحكومة ستدخل مدار تصريف الأعمال خلال أيام قليلة وتمّ تجاوز القانون 288، وبالتالي إنّ اصدارها في هذا التوقيت وبهذه الطريقة، هو من باب فرضها على الحكومة المقبلة، فيما لبنان مقبل على مرحلة من الشغور المظلمة وقد يكون بأمسّ الحاجة إلى كلّ “نقطة فيول” تضيء العتمة، إلّا أنّ وزير الطاقة قرر استغلال آخر ساعاته لتمرير هذه التراخيص سريعاً بينما أنهى مجلس الوزراء منذ أيام دراسة واقرار مشروع قانون انتاج الطاقة المتجددة وأرسله إلى مجلس النواب، وهو يسمح للقطاع الخاص بانتاج الطاقة المتجددة وبيعها بشكل يوفّر على الخزينة العامة “عمولة” طرف ثالث تجاري، ويفتح باب المنافسة على مصراعيه.