كتب منير الربيع في “الجريدة” الكويتية:
مع دوران عجلة الانتخابات اللبنانية التشريعية في الداخل باقتراع الموظفين الحكوميين الذي جرى أمس، تشير التقديرات السياسية وبعض السيناريوهات الإحصائية التي أجريت، إلى أن المجلس النيابي المقبل لن ينطوي على أكثرية يحصل عليها أيّ طرف سياسي، وهذا في حدّ ذاته مؤشر إيجابي، خصوصاً أن حزب الله كان يسعى قبل فترة إلى تحصيل نحو ثلثي أعضاء المجلس، بدأ بعدها يراجع حساباته، خصوصاً مع عودة سفراء الخليج إلى لبنان، ومع تكثيف الدعوات للمشاركة الكثيفة في الانتخابات.
وفي ظل تغيّر المزاج السنّي من المقاطعة إلى المشاركة، بدأ حزب الله يتراجع في حساباته من الثلثين إلى الأكثرية، أي الحصول على 65 نائباً، وهذه أيضاً لم تعُد مضمونة، بالنظر إلى نسب اقتراع المغتربين والاستطلاعات التي أجريت حول الوضع في الداخل اللبناني.
كتلة وسطية
وتقول مصادر شركات الإحصاء إن الانتخابات ستفرز كتلتين كبيرتين؛ واحدة لحزب الله وحلفائه، وأخرى لخصومه، لكن لا أحد من الطرفين سيحصل على الأكثرية، فيما ستكون هناك كتلة ثالثة وسطية هي التي تحدد مسار الاتجاه العام في القرارات السياسية. هذه النتائج تتوقف على نسبة التصويت السنّي، بحسب ما تقول كل مراكز الإحصاء وحتى ماكينات الأحزاب.
بيروت وصيدا والصوت السنّي
ففي دائرة بيروت الثانية، هناك حوالي 370 ألف ناخب، بحال كانت نسبة الاقتراع حوالي 50 بالمئة، لن يتمكن حزب الله من الحصول سوى على نائب واحد مقابل نائب للأحباش، لأنّ قدرة حزب الله التجييرية وكل حلفائه في بيروت هي 47 ألف صوت، مما يعني تأمين حاصلين انتخابيين لا أكثر، أما في حال انخفضت نسبة الاقتراع، فإن حزب الله سيكون قادراً على تحصيل نائبين شيعيين ونائب مسيحي للتيار الوطني الحرّ، إضافة إلى سعي الأحباش للحصول على نائب أو أكثر.
أما في دائرة صيدا جزين، ففي حال ارتفعت نسبة التصويت لدى السنّة في صيدا، فلن يكون التيار الوطني الحرّ قادراً على تحصيل الحاصل الانتخابي في جزين، وبالتالي لن يتمكن من الفوز بأي نائب، وتقول الأرقام إنه في حال صوّت في صيدا حوالى 32 ألف ناخب سيكون الحاصل الانتخابي حوالي 13500 صوّت، فيما التيار الوطني الحرّ لا يتمتع إلا بـ 10 آلاف صوت، مما يعني عدم قدرته على توفير الحاصل.
خرق نادر في الجنوب؟
في دائرة الجنوب الثالثة، سيكون الصوت السنّي مؤثرا إلى حدود بعيدة، وبالتالي، فإنّ ارتفاع أصوات السنّة في قرى وبلدات العرقوب، للائحة المعارضة لحزب الله، سيكون هناك قدرة على تحقيق خرقين في لائحة حزب الله، وهذه ستعتبر سابقة في تاريخ المنطقة، ففي انتخابات عام 2018 كان هناك 5 لوائح معارضة لحزب الله حصلت جميعها على 33 ألف صوت، بينما الآن هناك لائحة واحدة لحزب الله، وبحال تم تحصيل نفس نسبة الأصوات سيكون هناك قدرة حقيقة لخرق لائحة حزب الله بمقعدين سنّي ومسيحي أرثوذكسي.
البقاع
من الجنوب الى البقاع، حيث دائرة البقاع الأوسط أيضاً ترتبط بشكل مباشر بمسار التصويت السنّي، والذي إذا ارتفع ستكون منطقة زحلة ومحيطة هي الميزان الأساسي لتغيير ميزان القوى الانتخابي كما حصل عام 2009، أما في البقاع الشمالي، فإن ارتفاع نسبة التصويت على السنّة، سيؤدي إلى إمكانية تحقيق خرقين في لائحة حزب الله، فمثلاً بحال صوّت حوالى 6 آلاف ناخب في عرسال لمصلحة اللائحة المدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة والقوات اللبنانية، ستتمكن «القوات» من تأمين فوز مرشحها أنطوان حبشي، أما في حال ارتفع التصويت في عرسال إلى حوالي 10 آلاف صوت أو أكثر سيكون هناك قدرة للفوز بمقعدين مقعد مسيحي ومقعد سنّي.
«القوات» و«التيار»
أما مسيحياً، فكل الأرقام والماكينات تشير إلى أن نسبة المشاركة ستكون مرتفعة جداً، وهذا الأمر لن يكون في مصلحة التيار الوطني الحرّ، الذي سيتراجع عدد نوابه، ففي بيروت الثانية تشير التوقعات إلى أن التيار سيحصل على نائب واحد بدلاً من اثنين، وفي دائرة بعبدا، فإن التيار سلّم بخسارة مقعد مقابل الفوز بمقعد واحد بدلاً من اثنين، أما في المتن الشمالي، فإن التيار يسعى للحصول على مقعدين، بدلاً من 3 عام 2018. وفي كسروان – جبيل، هناك يفترض ألّا يفوز التيار سوى بنائبين، فيما المعركة الأساسية ستكون في دائرة الشمال الثالثة، وهي التي توصف بأنها تحمل ملامح معركة رئاسة الجمهورية، يجد التيار نفسه وحيداً، ففي دوائر البترون، الكورة، زغرتا وبشرّي، لن يتمكن التيار سوى من تحصيل مقعد واحد لزعيمه جبران باسيل فقط، فيما سيخسر كل المقاعد الأخرى.
بناء على هذه الدراسات والأرقام، وبما أنّ المعركة تتركز في البيئة المسيحية، فمن المتوقع أن تفوز القوات اللبنانية بالكتلة المسيحية الأكبر، فيما سيتراجع حجم كتلة التيار الوطني الحرّ، وتقول التقديرات إن القوات قد تحصل على ما بين 18 و20 مقعداً نيابياً، فيما التيار الوطني الحرّ يصل إلى حدود 14 أو 15 نائباً.