Site icon IMLebanon

عوده: الشعب مدعو لإرساء طريق الخلاص للبنان

أشار متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده في عظة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيو، إلى أن “المخلع كان مقتنعا أن مشكلته ليس لها حل. جلس على سريره جامدا، بلا حراك، ولا حتى صراخ يطلب من خلاله المساعدة كي ينال الشفاء. لم يكن بعيدا عن الشفاء، لكنه لم يجد سبيلا للوصول إليه. ألا يذكرنا وضع المخلع ببلدنا ، وشعبه المخلع بسبب الأزمات والإنقسامات والإذلال والإستعباد وغيرها، الذي أصبح مقتنعا بأن مشاكل بلده لا حل لها، ونراه أصبح مشلولا، لا يتحرك، ولا حتى يريد أن يطلق صوته للإستنجاد، رغم أن الحل قد لا يكون بعيدا. حول البركة كان مضطجعا جمهور كثير من المرضى ينتظرون تحريك الماء. صورة الجموع المريضة حول بركة بيت حسدا هي صورة العالم الذي نعيش فيه، حيث يسعى كل فرد إلى مصالحه ولا يهتم بمصالح الآخرين، وحيث تطغى الأنانية والفردية على المحبة. سأل يسوع المخلع: أتريد أن تبرأ؟ أجاب المخلع: يا سيد، ليس لي إنسان متى حرك الماء يلقيني في البركة. هكذا اللبناني، غالبا ما يلقي سبب مشاكله على الآخرين، دون أن يفعل شيئا، ولو بسيطا، من أجل إنقاذ نفسه”.

وتابع: “أراد اليهود أن يخضعوا هذا الإنسان لحرفية الناموس لا لمحبة الله. أرادوا تقييد عمل الله بناموس هو وضعه، وكأنهم ملوك أكثر من الملك. هذا أيضا نعاينه في بلدنا، الذي يصون دستوره حرية المواطنين، لكن عندما يعبر المواطن عن رأيه الحر، يقمع باسم الدستور والقوانين، التي لا يطبقها الذين يدعون الدفاع عنها، تماما كالفريسيين اليهود”.

وأضاف: “من الواقع العربي، الذي يشكل واقعنا اللبناني صورة مصغرة عنه، رأينا كيف تقمع أو تسكت الأقلام الحرة والحناجر المدافعة عن الحق والصادحة بالحقيقة. فإلى قافلة الصحافيين الشهداء في بلدنا وفي المنطقة العربية، انضمت منذ أيام الصحافية المناضلة، المدافعة عن حق وطنها، شيرين أبو عاقلة، وهي تمارس عملها. فلروحها السلام والراحة الأبدية، عل استشهادها يكون صوتا مدويا في وجه كل قمع واحتلال واستعباد وظلم وإرهاب. يا أحبة، اليأس من أسلحة الشيطان القوية، يهاجمنا به بحجج متنوعة ودرجات مختلفة. يصيبنا اليأس بقدر ما نوليه اهتمامنا وانتباهنا، فإما تظلم آفاقنا ولا نعود نجد مخرجا بسبب عدم مواجهتنا اليأس بالشكل الصحيح، عبر الإيمان والرجاء، وإما نتشبث بالمسيح وبالحرية التي منحنا إياها وننطلق نحو النور الذي لا يعروه ظلام ولا فساد. المسيح، كلمة الله، يعمل بأساليب لا يستوعبها منطقنا البشري، وكما برز من القبر ومنح الحياة للعالم، هكذا يمكنه أن ينبت الرجاء من صخرة اليأس البشري مهما كان قاسيا. لا مصاعب الحياة، ولا الأزمات المعيشية ولا إرادتنا الضعيفة ولا الشر الذي يحكم العالم يمكنه أن يقوى على محبة الله الكلية القدرة. يكفي أن نعترف أمامه بضعفنا، بإيمان صادق، ثم ندعه يعمل بحسب محبته”.

وختم عوده: “الشعب مدعو اليوم إلى التآزر في إرساء طريق الخلاص للبنان وناسه، وبناء دولة ديمقراطية، قوية، عصرية، ذات سيادة كاملة وموقف واحد وجيش واحد وشعب واحد، علنا نفرح ونتهلل بعد السنوات العجاف التي مر بها الجميع. تذكروا الأزهار التي تجد شقا صغيرا في الصخر القاسي، فتنبت وتضفي على الصخر مسحة جمال. لا تيأسوا. الرب معكم، لأنه لا يشاء موت خليقته، بل يشاء خلاص الجميع، آمين”.