جاء في جريدة “الأنباء” الإلكترونية:
مرّ استحقاق انتخابات رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة المكتب على وقع معارك احتدمت قبل وأثناء الجلسة، ونقاشات دستورية حول عملية الاقتراع، لكن في المحصلة تم انتخاب الرئيس نبيه بري لموقع رئاسة مجلس النواب، ليخوض الأخير ولاية سابعة، والياس بو صعب لموقع نائب الرئيس بعد منافسة شرسة مع النائب غسان سكاف.
في لغة الأرقام، حاز كل من بري وبو صعب على 65 صوتاً من أصل 128، وهي أرقام متواضعة، تشير إلى أن نصف المجلس في موقع المعارضة، إلّا أن المفارقة الأكبر كانت حصول سكاف على 60 صوتاً، في أول ولاية برلمانية له، ما أشار إلى أن لا اكثرية فعلية لفريق 8 آذار والتيار الوطني الحر، وقد كشف مسار التصويت اتفاقا مستوراً بين افرقاء ٨ آذار، شمل تبادل الأصوات “على القد” بين كتل التيار الوطني الحر وحركة أمل لضمان وصول كل من بري وبوصعب.
لكن، على المقلب الآخر، بدت الكتلة السيادية مشتّتة نسبياً رغم حصولها على أكثرية مقاعد مجلس النواب، وذلك لأن عدداً من النواب المستقلين اختاروا الانكفاء عن دعم سكاف، ما أدى إلى خسارته في المنافسة. هذا التوجّه ينعكس سلباً على هذه الكتلة كما البلد في حال استمر التشتّت، في ظل وقوف لبنان على مشارك استحقاقات عديدة مهمّة ستشكّل وجه لبنان الجديد بعد تكوّن السلطة من جديد.
عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم أشار إلى أن “التكتّل ترك للنواب المستقلين حرية الاتفاق على شخصية لموقع نائب رئيس المجلس، على أن تدعم الكتلة هذا التوجّه، فتم الاتفاق على تسمية غسان سكاف”.
لكنه في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، كشف أن “الكتلة تفاجأت اليوم بتشتّت مجموعة التغييريين غير المترابطة والمتفاهمة، وبدا واضحاً وجود مشكلات واختلافات داخلها، الأمر الذي انعكس سلباً على قدرة إيصال سكاف، وبالتالي كانت نتيجة هذا الضعف تمديد معاناة الشعب اللبناني عبر التمديد للسلطة الحاكمة”.
ومع الإشارة إلى أن استحقاقات عديدة تنتظر المجلس النيابي الجديد، لا سيما تسمية رئيس للحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية، فقد شدّد كرم على وجوب أن “يتحلّى النواب المستقلون الجدد بالواقعية، وفهم أهمية الملفات الأساسية الواجب التركيز عليها، وذلك بهدف الانطلاق نحو تحرير لبنان من السلطة الحالية”. وختم حديثه لافتاً إلى أن هذه المجموعة تفتقد للبرنامج والرؤية، لكن التواصل معها قائم للاتفاق على العناوين العريضة.
من جهتها، حاولت النائبة المستقلة نجاة عون صليبا النفي أن يكون النواب المستقلين مشتتون، وقالت إنهم “على العكس، متحالفون ومتفقون، وهذا تُرجم بالورقة البيضاء على صعيد انتخابات رئيس المجلس، والاقتراع لسكاف على صعيد موقع نيابة الرئيس”.
وفي اتصال مع “الأنباء”، شدّدت صليبا على أن “المستقلين يتطلّعون إلى البرامج وليس الأشخاص، وهم يحاولون إرساء نهج جديد، يقوم على ديمقراطية الانتخابات داخل مجلس النواب، وليس التحالفات المركبة في وقت مسبق خارج أسوار المجلس”. وعن ترشيح سكاف، أشارت صليبا إلى أنه “تم الإطلاع على برنامج الأول، وكان منطقياً، وبالتالي اخترنا التصويت له”.
بكل الأحوال، ورغم أن أولى الجلسات للمجلس الجديد جاءت مخيبة للآمال، تتجه الأنظار الآن الى استحقاق تشكيل الحكومة وموعد الاستشارات النيابية الملزمة التي سيكون رئيس الجمهورية ميشال عون ملزماً بالدعوة اليها، وهنا يكمن التحدي المقبل ومدى قدرة هذا المجلس على تسمية رئيس للحكومة العتيدة ومنحها الثقة للنهوض بالبلد.. لقد بدأ هذا المخاض على أمل ان لا يكون عسيراً.