جاء في “أساس ميديا”:
المفترض أن تتبلّغ رئاسة الجمهورية في غضون اليومين المقبلين لائحةً بالكتل النيابية لتحدّد في ضوئها مواعيد الاستشارات النيابية. في المرّة الماضية كان حجم الكتل معروفاً والاصطفافات واضحة عكس هذه الدورة تماماً حيث ستكون الفوضى هي سمة العمل النيابي بامتياز. وكما في الشكل كذلك في المضمون، فإنّ ملامح الحكومة لم تتوضّح بعد.
لأنّ انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه لا يشكّل المؤشّر الكافي إلى انفراجات المرحلة المقبلة التي ستكون على ما يبدو مفتوحة بقوة على احتمال المواجهة في اختيار رئيس للحكومة. والأمر الأكثر صعوبة هو أن تتألّف، في ظلّ اللهجات الحادّة التي تلجأ إليها الأطراف المكوّنة للمجلس النيابي، بقديمها وجديدها.
ما يدور في الأفق وتطوّرات المنطقة ينذران بأنّ المخاض سيكون عسيراً وصعباً، وأنّ التصعيد يسابق أيّ حديث عن تسوية تلملم الأوضاع اللبنانية أو تؤسّس لانطلاقة جديدة موعودة مع انطلاق المجلس النيابي الجديد في أعماله. ويقف اللبنانيون حيارى أمام النتائج التي يزعم الكلّ أنّه رابح فيها، وأن لا خاسر على ما يبدو إلا المواطن اللبناني المتروك ليواجه قدره وحيداً.
إذا كان تشكيل الحكومة في ظلّ ظروف طبيعية تعتريه عقبات بالجملة فيستغرق شهوراً تقارب السنة، فكيف في خضمّ تغيير موازين القوى النيابية والسياسية ولم يتبقَّ من عمر العهد إلا شهور والبلد عرضة لفراغ رئاسي سيحوّل أيّ حكومة إلى حكومة بصلاحيّات رئاسية.
من غير المتوقّع أن يدعو رئيس الجمهورية ميشال عون إلى استشارات نيابية ملزمة في غضون أقلّ من أسبوعين على أقلّ تقدير. كما لم تتوضّح الأكثرية في مجلس النواب، ولا كيف ستكون الاصطفافات النيابية داخل المجلس.
فهل يتمثّل نواب التغيير في الحكومة؟ وماذا عن مواقف القوات والتيار الوطني الحر؟ وهل أكثرية الـ65 نائباً، بمن فيهم “مكتومي القيد السياسي”، مؤهّلة لتكون أكثرية 65 نائباً يعلنون من سيسمّون؟ ومن “هرّبوا” أصواتهم إلى الرئيس نبيه برّي، مسايرةً أو في “صفقات” غير معلنة، أو نزولاً عند طلب حزب الله، هل يجرؤون على إعلان “انتسابهم” إلى حلف إيران في تسمية رئيس الحكومة؟
ولا تجد مصادر سياسية معنيّة مؤشّرات إيجابية تشي بأنّ استحقاق تشكيل الحكومة سيكون سهلاً في لبنان المقبل “على أسوأ أيامه مع تزايد الضغوطات الاقتصادية عليه لإجباره على الركوع”. يركن أصحاب هذا الرأي إلى غياب أيّ قرار دولي بشأنه بسبب انشغال العالم بالحرب الأوكرانية الروسية ومعالجة تداعياتها. لكنّ الرهان يبقى على تدخّل فرنسي في لحظة مفصليّة بفضل وجود إرادة فرنسية بتجنيب لبنان عواقب الفراغ الحكومي.