Site icon IMLebanon

الراعي: نأمل بأن تترجم بالأفعال مواقف ممثلّي الشعب

أشار البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي إلى أنّ “أحوج ما نحتاج إليه اليوم في لبنان هو فضيلة الرحمة ولاسيما عند حكّام الشعب بمختلف صلاحيّاتهم التشريعيّة والإجرائيّة والقضائيّة والإداريّة، ففضيلة العدالة هي خادمة الحقيقة الوضعيّة والمتجرّدة. إنّ إنعدام الحقيقة والعدالة شرّع الأبواب واسعة أمام الفساد بكلّ أبعاده. فانهارت البلاد”.

جاء كلام الراعي في خلال قداس في الإكليركية البطريركية المارونية في غزير، لمناسبة اليوبيل الذهبيّ لرابطة قدامى الإكلريكيّة مؤكّدًا أنه “فيما نبارك للمجلس النيابيّ بانتخاب رئيسه ونائبه وهيئة المكتب بالطريقة الديمقراطيّة، نأمل أن يكونَ هذا المجلس مركزَ تجديدِ الحياةِ البرلمانيّة والديمقراطيّةِ الصحيحةِ في لبنان، حيث كان المجلسُ في المنعطفاتِ المصيريّةِ منطلقَ المصالحاتِ ومصدرَ التسوياتِ بعد الحروبِ والأزَماتِ الكبرى. وإذ ضمّ المجلسُ الجديدُ وجوهًا جديدةً أتت من كل المواقع والانتماءات الحزبية والفكرية، نَتطلّع إلى أن يكون ذلك مؤشِّرا على أداءٍ سياسيٍّ مسؤولٍ ومختلِفٍ لكي يشعر الشعب بالفارق الإيجابي”.

وتابع: “فيما نترفّع عن معادلاتِ الأكثريّةِ والأقليّة، واصطفافِ الكُتلِ النيابيّة، نأمل بأن تترجم بالأفعال مواقفُ ممثلّي الشعبِ وشعاراتهم والبرامجُ التي وعدوا بها أثناءَ حملاتِهم الانتخابيّة. فالشعب سَئِم المواقفَ المتقلِّبةَ والمتردِّدةَ والغامضةَ والضبابيّة. الشعبُ يطلب أن يظلّ الذين انتخبهم على الوعدِ والعهدِ. فلا التغييرُ شعارًا ولا السيادةُ أنشودةً، بل مواقفَ شجاعةً ووطنيّةً وصامدة تنقل الوطن من واقع الأزمة إلى واقع الحل. فالمطلوب الإسراعُ في إقرار الإصلاحاتِ التي ينتظرها اللبنانيّون قبل المجتمع الدولي، وتعديلها بما يتلاءم مع مصلحة لبنان أولًا. وأوّلُ تعديلٍ لهذه الإصلاحات يبدأ بالتدقيقِ بخطّةِ التعافي التي حَصدَت انتقادات أكثر من الاستحسان لأنّها وضعت على حسابِ المودِعين ونظامِ الاقتصادِ الحر”.

ولفت إلى أن “الدولةَ مَدينةٌ للشعبِ قبل أنْ تكونَ مدينةً للمؤسّساتِ الماليّةِ الدوليّة. فلْتَردّ الدولةُ للشعبِ جَنى عمره. وكلُّ خُطّةٍ لا تؤمِّنُ أموالَ جميعِ المودِعين ولا تحترمُ نظامَ الاقتصادِ الحرّ ولا تَضمَنُ حركةَ الأموال بين لبنانَ والعالم هي خُطّةُ إفقارٍ لا تَعافٍ، من شأنِها أن تؤدّيَ إلى ما لا يُحمَدُ عُقباه”.

وأضاف: “فوق ذلك نأمل أن تنسابَ سُرعةُ انتخابِ رئيسِ المجلسِ النيابيِّ الجديدِ على عمليّةِ تأليفِ حكومةٍ جديدةٍ وطنيّة فاعلة، لأنَّ البلادَ لا تَحتمل أي تسويف وتعطيل. فإن أيَّة عرقلةٍ لعمليّةِ التأليفِ ستكون نقطةً سلبيّةً وعارًا على جبينِ المجلسِ النيابيِّ الجديد، وعلى جبين كل مسؤولٍ معنيٍّ بهذا الموضوع. فلا الوضعُ الداخليُّ السياسيُّ والمعيشيُّ والأمنيّ يسمح باستباحةِ الدستورِ والشرعيّةِ، ولا الوضعُ الإقليميُّ يجيز للمسؤولين اللبنانيّين عدمَ تحصين الدولةِ بحكومةٍ كاملةِ الصلاحيات. في هذا الإطار، نريد أن يبادر المجلسُ النيابيُّ، المؤتَمنُ على الاستحقاقِ الرئاسي، إلى تحضير هذه الاستحقاق من خلال خلقِ أجواء سياسيّةٍ، وإجراء الاتصالات مع مختلفِ الكتل والأحزاب لضمانِ تأمين جلسةٍ كاملة النصاب لانتخابِ رئيس جديد للجمهوريّة قبل نهاية عهد الرئيس الحاليّ، كما يقول الدستور، يكون على مستوى التحديّات الراهنة، ووحدة البلاد”.

وختم قائلًا: “في هذه الأثناء إن واقعَ الفَقرِ المنتشِرِ بين الناسِ وفِقدانِ الأدوية، لاسيّما أدويةُ الأمراض المزمنة والسرطان، يحتمّ على الدولةِ إجراء كل الاتصالات الدولية لتأمينها بأسرعِ وقت ممكن ومراقبة توزيعها على المحتاجين الحقيقيّين”.