Site icon IMLebanon

تعديل المرسوم 6433 بانتظار توقيع وزير “الحزب”

كتبت ملاك عقيل في موقع “أساس”:

بناءً على رأي هيئة التشريع والاستشارات رقم 87/2021 تاريخ 17-2-2021 تستطيع حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي الاجتماع فوراً لإقرار تعديل المرسوم 6433، إذ تؤكّد الهيئة أنّ “على مجلس الوزراء أن يجتمع بهيئة تصريف الأعمال وفقاً للمادة 64 من الدستور لأخذ القرارات اللازمة في حال الضرورة التي تستوجب العجلة الماسّة لاتّخاذ قرارات فوريّة في شأنها”.

وهل من عجلة أكثر من التصدّي لمشروع سرقة غاز ونفط دولة، تدّعي سيادتها على أراضيها، بدءاً من حقل كاريش وتأثير ذلك على باقي البلوكات اللبنانية؟

وهل ما يستدعي الاستنفار أكثر من قرب إطلاق إسرائيل دورة التراخيص الرابعة للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، ولا سيّما في البلوك 72 المحاذي للخط 23 والذي يضمّ جزءاً من حقل قانا، ناقلةً بذلك المعركة، كما تفعل دائماً، إلى أرض الخصم؟

حتى الآن لا مؤشّرات إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء تفرمل مسار “الشفط” بعد وصول سفينة الإنتاج “إنرجين باور” إلى حقل كاريش لتبدأ عملية استخراج الغاز من الحقل المتنازَع عليه مع لبنان.

“مخرج الطوارئ” لمنع استباحة الحدود البحرية مقفل حتى الآن في ظلّ تخبّط السلطة الفاضح وقصورها عن توقّع سيناريو “فاجأها وحدها”، فيما كانت النوايا الإسرائيلية مُعلَنة، وشغل شركة التنقيب والإنتاج “ماشي”، والوسيط الأميركي “غائب عن السمع”، وصرخات الداخل، خصوصاً من الجيش، تُحذّر من الوصول إلى هذه “الكارثة السيادية”.

كانت حصيلة الحراك اللبناني الرسمي أمس، وتحت ضغط إعلان “إنرجين” أنّها ستسلّم الدفعة الأولى من إنتاج الغاز إلى إسرائيل بحلول شهر تشرين الأول، صدور موقف مشترك متوافَق عليه بين رئاستَيْ الجمهورية والحكومة يعتبر أنّ “أيّ أعمال استكشاف أو تنقيب أو استخراج تقوم بها إسرائيل في المناطق المتنازَع عليها تشكّل استفزازاً وعملاً عدوانياً يهدّد السلم والأمن الدوليَّيْن”، من دون أيّ ذكر لتعديل المرسوم 6433.

كما صدرت دعوة مشتركة من عون وميقاتي إلى الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى “الحضور إلى لبنان للبحث في استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية”، التي يعلن لبنان من طرف واحد أنّها لا تزال قائمة.

وفق معلومات “أساس” زوّدت قيادة الجيش والبحرية اللبنانية رئاسة الجمهورية بما طلبته من معطيات تقنيّة في شأن وصول السفينة بالتاريخ والساعة والإحداثيات المرتبطة بها والمسافة الفاصلة عن الخط 29 بوصفه خطّاً تفاوضيّاً لم يتنازل لبنان عنه، لكنّه يفتقر إلى توثيقه عبر اعتماده وإيداعه الأمم المتحدة.

بالنسبة إلى إسرائيل والشركة المُنتجة time is money، لذلك فاستخراج الغاز من حقل كاريش سيبدأ فوراً بعد الكلفة الماليّة الخيالية لبناء السفينة العائمة المتخصّصة في إنتاج وتصنيع وتخزين الغاز الطبيعي المسالFPSO ، ووصولها إلى حقل كاريش بعد عبورها قناة السويس.

وفق الخبراء ستستغرق العملية بين شهر وشهرين في حال عدم وجود أيّ عوائق. فعمليات الحفر والتنقيب والتجهيز قد أُنجزت، وتمّ ربط الأنبوب من حقل كاريش إلى شاطئ فلسطين المحتلّة. وإنرجين هي سفينة الإنتاج التي تقتصر مهمّتها على ربط قعر البحر، حيث مكمن الغاز، ثمّ إنتاج الغاز وتكريره وضخّه باتّجاه الشاطئ.

البلوكات اللبنانيّة في خطر

يقول مصدر تقنيّ لـ”أساس”: “لا يمكن القول too late. هناك 1,430 كيلومتراً مربّعاً إضافية إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة ضمن الخطّ 29، والأمر لا يتوقّف فقط على حقل كاريش لأنّ العبث به سيكون مقدّمة للعبث بالبلوك 72 وحقل قانا الأكبر من كاريش، بالإضافة إلى بلوكات أخرى تقع بين الخط 23 والخط 29”.

ويلفت المصدر إلى أن “لا أهميّة لمكان رسوّ السفينة حتى لو تمركزت بعيدة عدّة كيلومترات عن الخط 29. فهي ستبدأ الإنتاج من حقل كاريش الممتدّ نحو الحدود البحرية اللبنانية. ولذلك رسوّ السفينة جنوب الخط 29 لا يعني أنّنا في منطقة الأمان. الأخطر أنّ سفينة الإنتاج وصلت إلى المكان المناسب فوق حقل كاريش وستستخرج النفط من كامل البلوك الذي يقع جزء منه داخل منطقة متنازَع عليها وفق رسالة موثّقة من لبنان إلى الأمم المتحدة”.

إنذار إلى الشركة

من جهته، يقول الخبير في مجال النفط والغاز الدكتور شربل سكاف: “على لبنان، إضافة إلى الشقّ السياسي المرتبط بحماية حقوقه في الحدود البحرية، توجيه تحذير أو إنذار فوراً لشركة “إنرجين” في بريطانيا حيث مقرّها العامّ والمُدرَجة على بورصة لندن، وذلك ضمن سياق حفظ حقّه وتنبيه الشركة إلى أن لا إمكانية لاستخراج الغاز إلا بانتظار حلّ الإشكالية مع إسرائيل”.

ويرى سكاف أنّ من نتائج “تعديل المرسوم 6433 منح القوة القانونية للإنذار الموجّه للشركة. وهنا ستتضاعف مخاطر الشركة، ومنها مخاطر ائتمانية مرتبطة بتقلّبات البورصة صعوداً ونزولاً ومسار التسهيلات المصرفية. وستتعزّز المخاطر التشغيلية لأنّ شركات التأمين التي تتعامل معها يمكن أن تتخلّف عن تغطيتها أو أنّ بوالص التأمين تصبح ذات كلفة مخيفة وخيالية على الشركة المنتجة”.

بيان “ترفيهيّ”

في سياق موازٍ، بدا لافتاً أمس البيان الصادر عن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي وصفته مصادر مطّلعة على ملف ترسيم الحدود البحرية بـ”الترفيهي”، إذ إنّه إضافة إلى تذكيره بـ”إنجازات” باسيل، غيّب بشكل كامل جهد الجيش من أجل تثبيت حقوق لبنان عبر الخط 29، وغيّب دور الدولة بكاملها حين أقرّ أنّ “تثبيت أيّ معادلة توازن بالخطوط أو الحقول يستوجب الاتّكال على معادلة القوّة مع إسرائيل التي فرضتها المقاومة”، رافعاً المسؤولية عن تياره السياسي وعن رئيس الجمهورية الذي رفض توقيع المرسوم 6433 عبر القول بأنّ “الخط 29 اعتمده الفريق اللبناني كخط تفاوض، ولا يمكن لرئيس الجمهورية أو غيره اعتباره خطّاً رسمياً للبنان من دون اعتماده بقرار ومرسوم من الحكومة”.

يقول متابعون للملفّ إنّه “ربّما لا يعلم باسيل أنّ كلّ دول العالم تذهب إلى التفاوض أو التحكيم بشأن حدودها البحرية متّكلةً على أساس قانوني داخلي يدعم الخط الذي تبدأ المفاوضات منه. هذا عرفٌ تعتمده كلّ الدول، ومنها إسرائيل التي أرسلت الخط 1 غير القانوني إلى الأمم المتحدة بعدما اعتمدته في تشريعاتها، وتتفاوض على أساسه مع لبنان”.

أمّا قمّة المفارقات في البيان مطالبة الدولة اللبنانية بـ”عدم القبول باستخراج إسرائيل الغاز من كاريش قبل تثبيت حقوقها وخطوطها في البلوكات الجنوبية، واتّخاذ كلّ الإجراءات اللازمة لذلك”، فيما المرسوم الذي وقّع عليه وزير الأشغال السابق ميشال نجار ورئيس الحكومة السابق حسان دياب بقي في أدراج رئاسة الجمهورية بعد رفض عون توقيعه.