كتبت رانيا شخطورة في “وكالة أخبار اليوم”:
لا تتراجع الليرة اللبنانية امام الدولار فقط على مستوى سعر الصرف، بل ايضا على مستوى التداول اليومي بدءا من المحلات التجارية لا سيما الالكترونية والمعدات الكهربائية، وصولا الى القطاعات السياحية، بعدما سمحت وزارة السياحة للمؤسسات التسعير بالدولار خلال اشهر الصيف.
وفي الموازاة، تقدمت “حسابات الفريش دولار” – المقبولة في حركة البطاقات المصرفية- على الحسابات “العالقة” في المصارف أكانت بالعملة اللبنانية او بالعملات الاجنبية.
ويوضح مرجع مالي ان مصرف لبنان من خلال تعاميمه السابقة خلق “حساب الفريش دولار” او “الحسابات الطازجة الجديدة”، معتبرا عبر وكالة “أخبار اليوم” ان قرارات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على هذا المستوى ليست لالغاء الماضي او شطب الحسابات السابقة بل لفصل الماضي عن المستقبل. حيث من خلال التعميم 154 المتعلق باعادة رسملة المصارف يهدف الى اعادة إطلاق المصارف واعادة الثقة بها وخلق حسابات الفريش، واعادة سحبها دون اي ضوابط، ولكن في موازاة ذلك يفترض بالحكومة ان تقوم بمعالجة حسابات الماضي كونها اصبحت في دائرة الديون المترتبة عليها..
وهنا يستطرد المرجع الى القول ان حكومة تصريف الاعمال من خلال خطة التعافي التي وضعتها تسعى الى وضع يدها على رأسمال المصارف، وهذه جريمة بحق الاقتصاد كونها تحول دون وضع الاموال مجددا في المصارف، حيث يحجم اصحاب الاموال عن وضعها في المصارف خشية من ان تقدم الدولة على “تأميمها” في اية لحظة، من خلال تصفير رأسمال المصارف ووضع اليد عليها، في حين ان المصارف تعتبر اداة اساسية في تمويل اي اقتصاد .
من جهة اخرى، يلفت كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس نسيب غبريل، عبر وكالة “أخبار اليوم” الى انه قبل بدء الازمة الاقتصادية كان هناك انتقادات للاقتصاد المدولر واعتباره عامل لا يوحي بالثقة، ولكن منذ بدء الازمة زادت الدولرة بشكل كبير عما كان سائدا في السابق وبات الاقتصاد مدولر نقديا، والسبب الاول يعود الى عدم معالجة الازمة واتخاذ الاجراءات اللازمة للخروج منها.
واذ يذكّر ان الازمة ادت الى شح السيولة بالعملات الاجنبية بسبب التراجع الحاد ثم التوقف التام لتدفق رؤوس الاموال الى لبنان، يلفت غبريل الى ان توقف تدفق رؤوس الاموال قابله الاتجاه الى اقتصاد مدولر نقديا.
وعما اذا كانت “حسابات الفريش” تساعد القطاع المصرفي؟ يجيب غبريل: الامر يتعلق بالعملية الاصلاحية، حيث هناك افكار عدة مطروحة منها تلك التي تتحدث عن ضرورة ان تفرّق المصارف بين ميزانيتها بالفريش دولار والودائع بالدولارات المحلية، وبالتالي تستخدم الدولارات الفريش من اجل تسليف الاقتصاد، لكن مثل هذا الامر لا يتحقق في الوقت الراهن، خصوصا وان المبالغ بالحسابات الفريش ليست كبيرة، ولا يوجد احصاءات رسمية لها لكنها لا تتخطى المليار ونصف المليار.
ويقول: حلّ موضوع “دولرة الاقتصاد” يكون من خلال استعادة الثقة التي تأتي عبر الاصلاحات، وليس من ضمن الاولويات تدمير القطاع المصرفي وتحميل المودعين ما يسمى بـ”الخسائر”. ويشدد على ان الاصلاحات تبدأ بتوسيع حجم الاقتصاد، دعم النمو، وتحسين المناخ الاستثماري، تطوير بيئة الاعمال، رفع تنافسية الاقتصاد، واعادة تأهيل البنى التحتية كي يستطيع القطاع الخاص والمبادرة الفردية ان يلعبا دورهما الطبيعي اي العمود الفقري في العجلة الاقتصادية، علما ان القطاع الخاص هو من يستقطب رؤوس الاموال من الخارج، وهو الذي يؤسس للمشاريع الجديدة ويخلق فرص العمل.
وبالتالي يختم غبريل موضحا ان دولرة الاقتصاد لها علاقة بشكل مباشر بالثقة او عدم وجودها وبعدم وجود ارادة سياسية للاصلاح.