كتبت كريستال خوري في “أساس ميديا”:
انتهت “الورشة التأسيسية” لبرلمان 2022 بعد انتخاب رئيس له، وهيئة مكتبه، وأمينَيْ السرّ، واللجان النيابية التي جمعت خصوم الأمس في لوائح مكتومة الصوت دفعت بهم إلى تبادل الأصوات والتأييد، في سبيل ضمان بقاء القوى التقليدية في هذه اللجان والإمساك بها، وقطع الطريق أمام النواب الجدد، وتحديداً أولئك “التغييريّين”.
هكذا سيعود الاهتمام بوضع الحكومة التي صارت حكومة تصريف أعمال، ويُفترض بالتالي الإسراع في تأليف حكومة بديلة تتولّى استكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي يُبدي اهتماماً بالوضع اللبناني يفوق اهتمام القوى السياسية به، وقام بتعيين ممثّل دائم له في بيروت، والعمل على إقرار الإصلاحات الضرورية المطلوبة لعبور معمودية الصندوق، والانطلاق بالنهضة الاقتصادية قبل وقوع الخراب الشامل.
الفرصة لا تزال متاحة، لكنّ حظوظها تكاد تكون معدومة.
بالتوازي يحرص رئيس الجمهورية ميشال عون على قيام حكومة مكتملة الصلاحيّة بمقدورها أن تدير الشغور الرئاسي في حال وقوعه بعد 31 تشرين الأول مع انتهاء ولايته، لكي لا تكون صلاحيّات رئيس الجمهورية، في حال تجدّدت حال الفراغ في قصر بعبدا، بين يدي حكومة تصريف أعمال في خطوة غير مألوفة قد تشكّل سابقة غير مرغوب بها.
لهذا يرجّح المتابعون أن يحدّد رئيس الجمهورية مطلع الأسبوع المقبل موعداً للاستشارات النيابية الملزمة بعدما أنهى مجلس النواب تأليف لجانه، مع العلم أنّ النقاش الخارجي في الشأن الحكومي لا يُنذر بتفاهم قريب على اسم المرشّح لرئاسة الحكومة في ضوء التشتّت الذي يصيب الساحة النيابية بعد فرز نتائج صناديق الاقتراع النيابية التي جعلت كلّ نائب سنّيّ مشروع مرشّح لرئاسة الحكومة.
إلّا أنّ رئيس الجمهورية يفضّل فرض المشاورات الرسمية على القوى الأساسية، وعدم تركها أسيرة البرودة السياسية. وبالتالي لن يكون الموعد بعيداً كما ساد الظنّ منذ أيام، بل سيلتقي النواب في وقت قريب من باب تسريع وتيرة المشاورات وفرضها على القوى السياسية، عسى أن تؤدّي إلى تكليف سريع.
ومع أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي هو الاسم المتقدّم على غيره في الترشيحات الرسمية، إلّا أنّ مصادر قريبة من قصر بعبدا تنفي أن يكون الاجتماع الثنائي الذي جمع الرئيس عون وميقاتي صباح يوم السبت قد تطرّق إلى الملفّ الحكومي.
في المقابل يؤكّد متابعون أنّ قنوات التواصل بين الفريقين العوني والميقاتيّ “شغّالة” في مسعى لترتيب الوضع الحكومي. يقول هؤلاء إنّ تجربة ميقاتي مع الفريق العوني لم تكن سلبية أبداً، على الرغم من السجال الذي اندلع في الأيام الأخيرة من عمر الحكومة على خلفيّة ملف الكهرباء، لكنّ الرسم البياني للعلاقة الثنائية يبيّن أنّها كانت جيّدة.
إشارة إلى أنه من المطالب المتداوَلة الغير مؤكّدة أن يكون جبران باسيل وزيراً للخارجية في محاولة منه لـ”كسر” العقوبات المفروضة عليه بحكم الأمر الواقع. لهذا يصرّ منذ فترة على أن تكون الحكومة المقبلة ذات طابع سياسي ليضع حدّاً لطروحات حكومات الاختصاصيين، وفي باله العودة شخصيّاً إلى الحكومة.