كتب جان فغالي في “أخبار اليوم”:
مدّدت الحكومة ولاية المجالس البلدية لأنها كانت تريد ان تنصرف إلى إجراء الإنتخابات النيابية، ولكي تتمكن من الضغط على بعض رؤساء البلديات ليتصرفوا في الانتخابات النيابية وفق ما تريده السلطة. وهذا ما حصل فعلًا، بدليل ان بعض رؤساء البلديات اضطروا إلى مسايرة السلطة للعمل لمرشحين معينين، فكان الضغط إما ترغيبًا وإما ترهيبًا، وكانت الاتصالات تَرِد إلى رؤساء البلديات والطلب إليهم ان يُحفِّزوا الناس على التصويت لهذه اللائحة أو تلك، وان يعطوا صوتهم التفضيلي لهذا المرشح او ذاك.
وتؤكد المعلومات أن بعض رؤساء البلديات تم “استدعاؤهم” إلى مقرات رسمية، ومنهم مَن “زارتهم” أجهزة أمنية أو طلبت منهم هذه الأجهزة أن “يشربوا قهوة” في مقراتهم. منهم رضخ لأنه تمَّ تهديدهم بفتح ملفات توصلهم إلى القضاء، ومنهم امتنع انطلاقًا من أن ملفاته لا تشوبها شائبة.
انتهت الإنتخابات النيابية، فانصرفت البلديات إلى “معاركها الخاصة” التي هي أشرس بكثير من معارك الانتخابات النيابية، فكلما صغُرَت الدائرة، وهي هنا البلدة، كلما كانت المعركة أكثر شراسة، خصوصًا ان العوامل العائلية والحزبية والطائفية والمذهبية، وصِلات القربى تتدخَّل فيها. كثيرٌ من البلدات مكوَّنة من عائلة واحدة، فإذا لم يكن هناك توافق، تجري المعركة بين الأخوة وابناء الأعمام، وإذا كانت من حزب واحد أو من أحزاب متحالفة أو متخاصمة، تكون أم المعارك بينهم.
الجامع المشترك الوحيد بين كل هؤلاء ان جميعهم بدأ بالتحضير للإستحقاق البلدي وكأنه جارٍ غدًا، فبدأت إتصالات “جس النبض”، منها ما هو معلن، ومنها ما هو وراء الجدران، لكنه بدأ يظهر في “النَفَس الإعلامي” وعلى صفحات الجرائد.
لكن هذه المرة لن تكون الإنتخابات البلدية كما سابقاتها، هناك موجة تغييرية شهدتها الانتخابات النيابية، فهل سيصمد “حريق” هذه الموجة إلى ايار 2023 موعد الإنتخابات البلدية؟
الجميع امام التحدي: رؤساء البلديات الذين يريدون ان تتجدد الثقة بهم، خصومهم الذين يريدون ان يدخلوا “جنة البلديات”، والناخبون الذين يريدون ان يضعوا بصمةً في صناديق الاقتراع، علَّ البلديات تحسن ما أفسدته الإدارات الرسمية.