كتبت صفاء درويش في “الجمهورية”:
لم يكن قبول المجلس الدستوري للطعن المقدَّم من النائبة السابقة ديما جمالي عام 2018 حدثًا عابرًا، لا سيما بعد نجاحها بفرض إعادة الانتخابات وفوزها بالمقعد، إذ إنّه شجّع كثيراً من المرشحين على التقدّم بالطعون في ما بعد، من أجل إثبات أحقّيتهم في نيل المقاعد النيابية.
يُعتبر تقديم الطعون خطوة قانونية يُلزم المرشح فيها على تقديم مطالعة بالأرقام والمحاضر، يشرح فيها فريقه القانوني الثغرات الموجودة في عملية فرز الأصوات واحتساب النتائج، وهو ما يدرسه المجلس الدستوري بدقّة من أجل إعطاء حكمه في هذا الإطار.
سابقًا، أي قبل العام 2018، كان الطعن يهدف فقط لإثبات أنّ عدد أصوات المرشح الفائز هي أقل من عدد أصوات المرشح الرابح عن المقعد نفسه. اليوم، وفي ظلّ القانون النسبي، بات الطعن يولّد اشتراكات بالربح والخسارة، فطعن في بيروت الثانية على سبيل المثال لا الحصر، يمكن أن يسحب نيابة نائبين، ويُدخل مكانهما مقدّم الطعن ومرشّحاً آخر، كان يكمل حياته الاعتيادية، إلى المجلس النيابي.
اليوم، 15 طعنًا قُدّمت أمام المجلس الدستوري، في مهلة انتهت أمس الاول.
يمكن الحديث هنا عن ثلاثة طعون جدّية، من الممكن أن تغيّر أكثر من ثلاثة مقاعد نيابية حالية:
الطعن الأبرز قدّمه النائب السابق فيصل كرامي. مصادر على دراية بفحوى الطعن تؤكّد أنّ احتساب ولو قسم بسيط من الأصوات والصناديق الملغاة سيعني بالتالي إعادة كرامي إلى المجلس النيابي على حساب النائب رامي فنج. إبطال نيابة فنج يعني نجاح المرشح حيدر ناصر بدلًا من المرشح بلال سلوم عن المقعد العلوي، في حال حافظت لائحة فنج – حيدر على حاصلها.
طعن جدّي آخر مقدّم من المرشح حيدر ناصر، بحق كل من النائبين بلال سلوم وايهاب مطر، والبت بالطعن، أو طعن كرامي، يعني دخول ناصر للمرة الاولى إلى المجلس النيابي.
أمّا الطعن الثالث فهو مقدّم من المرشح عن المقعد العلوي على لائحة «التيار الوطني الحر» في عكار حيدر عيسى ضدّ النائب أحمد رستم الذي نجح متحالفًا مع النائبين وليد البعريني ومحمد سليمان.
عيسى الذي حصل على أكثر من 3000 صوت، يستند إلى إلغاء عدد من الصناديق التي كان يجب أن تُحتسب لتؤمّن للائحته حاصلًا رابعًا، فيُسحب الحاصل من اللائحة المنافسة ويخسر رستم الفائز بحوالى ٤٠٠ صوت.
الأهم من الطعون بحدّ ذاتها، هو سؤال يطرح إشكالية قانونية اليوم: هل دخول نائب، اثنين، ثلاثة او أكثر نتيجة قرار المجلس الدستوري ببت طعونهم، يعني أنّ هناك ما يجب أن يُعاد التصويت عليه داخل المجلس النيابي؟ على اعتبار أنّ خريطة المجلس قد تكون تغيّرت نتيجة ما يحصل. لهذا الأمر جواب واضح وهو لا، فكل ما صوّت عليه المجلس لساعة بت الطعون، أكان في انتخابات الرئيس ونائبه وهيئة المكتب واللجان وكذلك مشاريع القوانين في اللجان والهيئة العامة (إن كانت قد طُرحت) تبقى كما هي. موضوع الانتخابات داخل المجلس ينسحب على مسألة الرواتب وسواها.
وبعيدًا من نتائج الطعون، ألا يجب وضع معيار واضح لا لبس فيه لآلية إلغاء الأصوات والصناديق؟ إذ إنّ ظهور أكثر من 30 اعتراضًا خلال استحقاقين انتخابيين، يعكس بوضوح أنّ استنسابية القرار داخل لجان القيد هي ما أوصلت الأمور إلى مزيد من التشكيك بدقّة نتائج الانتخابات.