Site icon IMLebanon

مسيّرات “الحزب”: الاستقرار النفطي المتوسطي بعد الترسيم

كتب منير الربيع في “المدن”:

افتتحت مسيّرات حزب الله التي أطلقت باتجاه حقل كاريش، مرحلة جديدة من مراحل التفاوض حول ترسيم الحدود، بأبعاد متعددة: سياسيًا وتفاوضيًا، عسكريًا وأمنيًا، وربطًا بملفات إقليمية ودولية. المبارزة التي أقدم عليها حزب الله تفتح نقاشات إسرائيلية جديدة حول قدراته العسكرية، بحريًا وجويًا، خصوصًا أن الحزب كان واضحًا في بيانه، عندما أشار إلى نقطتين أساسيتين: حقل كاريش منطقة متنازع عليها، وتعدد أنواع المسيّرات التي أطلقت.

المسيرات والمفاوضات

سياسيًا، يعتبر حزب الله أن موقفه يعزز موقع الدولة اللبنانية التفاوضي، على قاعدة عدم القبول بمفاوضات من موقع ضعف. وبالتالي، فإن سلاح الحزب قادر على تقوية موقف لبنان. وتأتي الخطوة على وقع تبرؤ الدولة اللبنانية منها، ووصفها بأنها تؤثر سلبًا على المسار التفاوضي، وسط احتجاج أميركي، استدعى اجتماعًا بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب، للتبرؤ من العملية واعتبارها خارجة عن مسؤولية الدولة اللبنانية.

ويتوقع بو حبيب الوصول إلى اتفاق في شهر أيلول المقبل حول ترسيم الحدود، لكن لا معطيات مؤكدة حول دقة التوقيت الذي ضربه. وتقول مصادر متابعة أن الأمر يرتبط بتطورات تشهدها المنطقة بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وعقده قمة عربية- أميركية، وذهابه إلى اسرائيل. وبعدها قد تستأنف المفاوضات الإيرانية- الأميركية في الدوحة، بالتزامن مع تفعيل المفاوضات الإيرانية- السعودية، تمهيدًا لفتح السفارات بين البلدين. إذا سلك هذا المسار طريق التطبيق، وتكشّف عن إمكانية حلّ، قد ينعكس على وضع المنطقة، ويكون ترسيم الحدود جزءًا منه.

بناء عليه، يتوقع بو حبيب الوصول إلى اتفاق في شهر أيلول المقبل. بينما حزب الله يعتبر أن الاستقرار النفطي في شرق البحر المتوسط استقرارًا موحدًا. فلا يمكن اعتبار أن الجانب المحتل من الإسرائيليين مستقرًا، فيما الجانب اللبناني غير مستقر. وهذا جزء أساسي من رسالة المسيّرات، التي اكتفى بها حزب الله حتى الآن، تاركًا الباب مفتوحًا للتصعيد في مرحلة لاحقة، إذا سدت الآفاق وأصر الإسرائيليون على استخراج النفط من كاريش، من دون اتفاق مع لبنان ومن دون السماح له ببدء عمليات التنقيب. ولا يسقط حزب الله من حساباته الضغط على الدولة للمجيء بشركات لا تخضع للضغوط الأميركية، على أن يتولى هو حمايتها بمسيّراته أو بصواريخه البحرية.

تطوير المسيّرات

تفتح المسيّرات الباب أمام نقاشات كثيرة في لبنان وخارجه، حول قدرات حزب الله في هذا المجال. فهو يمتلك عددًا من المسيرات، منها: حسان، أيوب، ومرصاد. وقد استخدمها في حرب تموز 2006. وغالبية هذه الطائرات من صناعة صينية أو إيرانية، أدخلت عليها تعديلات. وبعضها مهمته الرصد الاستخباري والتصوير، وبعضها الآخر قادر على أن يكون مسلحًا وينفذ عمليات انتحارية.

يعمل حزب الله على تطوير هذه الطائرات في بيروت، وتنقل مواد التطويرية أو موادها الأولية من سوريا إلى لبنان. وهناك عدد من مسؤولي الحزب يعملون على تطوير هذا السلاح في سوريا. وهنا لا بد من التذكير بأن مسيرتين إسرائيليتين قد دخلتا إلى ضاحية بيروت الجنوبية قي آب 2019، وكانت مهمتهما رصد أحد المواقع الأساسية التي تعتبر غرفة عمليات لتشغيل الطائرات المسيرة وإدارتها. وأعلن الحزب حينذاك أن الطائرتين كانت لديهما مهمتان: الأولى نجحت، وهي اكتشاف الموقع، الثانية أفشلها حزب الله، وهي منع تفجيرها.

لا يتوقف حزب الله عن تطوير عمل هذه المسيرات وتعزيز تقنيتها، خصوصًا في الرصد والقدرة على الطيران أطول فترة ممكنة، وأن تكون مسلحة وناجحة في إصابة الهدف. وهناك نوع من هذه الطائرات لا يحتاج إلى قاعدة إطلاق ثابتة، وتطلق من قواعد متحركة. لكن الأهم هو وجود طائرات تحتاج إلى مدارج. وأشارت تقارير إسرائيلية قبل مدة إلى وجود مدرج بطول 200 متر في جرود الهرمل، خصصه الحزب لإطلاق هذا النوع من الطائرات.