كتبت رئيسة مؤسسة محمد شعيب الإنسانية د. ناديا شعيب:
عندما نتحدث عن المسؤولية الاجتماعية فإننا نتكلم عن واجب جماعي تمليه المسؤولية من اجل النهوض بالانسان في كل ما يتعلق بتأمين مستوى العيش بكرامة واكتفاء، وتلك اصبحت مهمة تشكل الاولوية في عالمنا العربي وخصوصاً في لبنان الذي يعاني من أزمة اقتصادية هي الأسوأ في حياة شعب وأمة.
من خلال تجربتي في العمل العام، أيقنت ان المسؤولية الاجتماعية كي تترجم الى عمل جاد ومنتج، يجب ان ترتكز على خلق مناخ من الثقة، يكون منصة دائمة لتقديم المساعدات الى الافراد والمجموعات، باعتماد آليات الشفافية التي منها يتم تثبيت الاستدامة في ترجمة المسؤولية الاجتماعية الى حقائق تستطيع أن تغير في واقعنا نحو الافضل. أعني بذلك في كل المجالات التي تتطلب المساعدة والإغاثة، وأهمها المجال الاسشتفائي في كل مراحله، والتمويني والغذائي والإيوائي والبيئي.
لن تتوفر الثقة لطلب المساعدة سواء من الدول او المنظمات الانسانية، او الأفراد، الا بإثبات الشفافية الكاملة، وهذا يقع على عاتق الجمعيات المولجة مساعدة القطاع العام والتنسيق معه لتحقيق الاهداف المرسومة في مكافحة الفقر وتأمين العدالة الاجتماعية في المأكل والملبس والتعليم.
لن يكون أصعب بل أقسى من أن تستمع الى لبنانيين مغتربين كثر، عبروا أمامي عن حبهم لبلدهم لبنان وفي الوقت نفسه عن يأسهم من حال الفوضى والتخبط، لا بل من عدم ثقتهم بوجود جهة موثوقة يفترض ان تقدم عبرها المساعدات الى اللبنانيين في الوطن. هناك إمكانات هائلة لدى لبنانيي الاغتراب ونوايا رائعة للمساعدة لكنها تبقى معلقة لان الشفافية شبه مفقودة، وهذا ما يؤدي الى تحول هذه المساعدات الى جهد شخصي، لا يؤدي بالنتيجة رغم ايجابيته الى خلق مشاريع مستدامة خصوصاً في المجالين الطبي والتعليمي، تعزز قدرة العائلات اللبنانية على الصمود والبقاء.
المطلوب اذا توفير المساعدة لإنقاذ نظام الرعاية الصحي المتعثر، والمساعدة لإنقاذ نظام التعليم المتعثر، وهذين النظامين مهددان بفعل هجرة الكادرات التعليمية والطبية، وارتفاع كلفة الطبابة والتعليم الى ما يفوق قدرة المواطنين والى ما لا يؤمن المستوى المقبول من الرواتب للعاملين من اطباء وممرضين ومعلمين واساتذة جامعات.
إن المؤسسات الاجتماعية التي يقوم عملها على الشفافية والاستدامة والخطط الطويلة الأمد، ستساعد على بناء الثقة واستعادتها، بحيث يبدأ الطريق الطويل الى تطبيق المسؤولية الاجتماعية، والى دخول القطاع الخاص على خط دعم تعزيز المسؤولية الاجتماعية كي تترجم الى حقائق، وهذا سيعطي إن حصل مثالاً على تعاون القطاع الخاص مع الجمعيات الأهلية، ونموذجاً يقتدى للقطاع العام، وللمشرعين في المجلس النيابي الجديد، كي يمارسوا دورهم كاملاً في اصدار تشريعات جديدة تحفز القطاع الخاص على المساعدة وتفرض على كل المؤسسات الاجتماعية ان تنتهج الشفافية كأسلوب عمل، كما على النواب الجدد أن يفعلوا دورهم في محاسبة السلطة التنفيذية بكل وزاراتها وإداراتها وهيئاتها، كي تكون على قدر المسؤولية وتقوم بدورها باستقامة في خدمة المواطن.
أمامنا عمل كثير نقوم به والطريق صعبة والتحديات كبيرة، لكن المهمة تستأهل. لن نردم هذه الفجوة التي تتسع في مجتمعنا، من دون أن نواجه هذه التحديات بشجاعة واستقامة.