Site icon IMLebanon

“الحزب” يواصل التصعيد: قبل المسيّرات ليس كما بعدها!

جاء في “الشرق الأوسط”:

واصل «حزب الله» تصعيده في ملف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، مجدداً تبرير إطلاق مسيراته باتجاه حقل «كاريش» الإسرائيلي، بالقول إن «رسالة المسيرات كانت سريعة المفعول»، والتلميح إلى أن الحزب «لا ينتظر قرارات رسمية، ولا يتوقف عند الانقسامات السياسية والطائفية والمناطقية»، كما «لا يلتفت إلى بيانات غب الطلب»، في إشارة إلى الموقف الحكومي اللبناني المنتقد لخطوة الحزب في الأسبوع الماضي.

ويتمسك لبنان بالوساطة الأميركية التي يقودها كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة آموس هوكشتاين الذي زار بيروت قبل ثلاثة أسابيع وعقد اجتماعات مع المسؤولين اللبنانيين، بمن فيهم الرئيس ميشال عون، سعياً لإيجاد صيغة تسوية بشأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.

وتتحدث أوساط لبنانية عن أن بلوغ الاتفاق على ترسيم الحدود مع إسرائيل عبر الوساطة الأميركية، بات قريباً، بموازاة مؤشرات إسرائيلية تتحدث عن موافقة أولية حول مبادلة حقل «قانا» كاملاً لصالح لبنان، بحقل «كاريش» كاملاً لصالح إسرائيل، وسط ضبابية تحيط بمصير مساحة الـ860 كيلومتراً الواقعة بين الخطين (1) الذي كانت تطالب به إسرائيل كنقطة حدودية، والنقط (23) التي يعتبرها لبنان حقه، وما إذا كانت المحادثات أثمرت موافقة إسرائيلية عن الاعتراف بمنطقة النزاع الأولى (860 كيلومتراً) كاملة للبنان.

وقالت مصادر لبنانية مواكبة لملف الترسيم إن لبنان «لن يتخلى عن شبر واحد من حقوقه البحرية» في إشارة إلى كامل منطقة الـ860 كيلومتراً و«حقل قانا»، وهو جيب بحري يتداخل بشكل متعرج إلى جنوب الخط 23. كما أكدت المصادر رفض لبنان لأي خطة لتقاسم الثروة البحرية عبر شركة أجنبية أو عربية تتولى التنقيب في منطقة متنازع عليها وتوزع العائدات على الطرفين، بوصفه «شكلاً غير مباشر من أشكال التطبيع».

وفي وقت تنقسم القوى السياسية المحلية حول تدخل «حزب الله» بالمفاوضات عبر الضغط من خلال إطلاق المسيرات أو غيرها من وسائل الضغط العسكري، جدد «حزب الله» تصعيده في هذا الملف، معتبراً أن مسيراته أعادت الزخم للمفاوضات و«عززت الموقف التفاوضي اللبناني». وقال عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، إن «المقاومة اليوم كنز استراتيجي ودرع لبنان وعنوان مجده، وهي قامت بواجبها بما يخدم مصلحة اللبنانيين وحفظ كرامتهم وثرواتهم». ورأى قاووق أن «رسالة المسيرات كانت في المكان والوقت المناسبين، وكانت سريعة المفعول، وهي رسالة وطنية مائة في المائة، وكانت لبنانية بأهدافها، وليست مرتبطة بمفاوضات إيرانية ولا بزيارات أميركية». وأشار إلى أن المسيرات أدخلت إسرائيل «في معادلات وحسابات جديدة»، مضيفاً: «ما بعد المسيرات ليس كما قبلها».

ويكرر مسؤولو «حزب الله» أن الحزب يقوم بالدور المنوط به، وقال عضو كتلته النيابية النائب حسن فضل الله  أمس إن «المقاومة اليوم ومن موقع القوة تعتبر نفسها معنية بحماية الأرض والشعب والخيرات وباطن الأرض وظاهرها والنفط والغاز وكل ثروات لبنان». وقال إن إسرائيل «تناور وتفاوض عبر وسيط أميركي غير نزيه، وتماطل وتقوم بكل ألاعيبها وخدعها».

وفي رد غير مباشر على خصومه الذين يطالبون بحصر قرار السلم والحرب بيد الدولة، وحصر السلاح بالشرعية، قال فضل الله: «المقاومة عندما بدأت عام 1982 لم تنتظر أحداً، لم تنتظر استراتيجيات عربية، ولا قرارات رسمية، ولم تتوقف عند الانقسامات السياسية والطائفية والمناطقية، ولم تلتفت إلى بيانات غب الطلب من هنا وهناك، بل بقيت في الميدان تقاتل وتقاتل إلى أن تمكنت من تحرير هذه الأرض، ومن ثم حمايتها».

وكان «حزب الله» قد انتقد البيان الثنائي الصادر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب حول مسيرات الحزب، وقالا فيه إن أي عمل خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الدبلوماسي الذي تجري المفاوضات في إطاره، «غير مقبول ويعرض لبنان لمخاطر هو في غنى عنها». وبث إعلام الحزب معلومات عن انزعاج الحزب «من بعض المرجعيات السياسية التي تفرط بورقة قوة لدى لبنان»، وقالت إن الحزب أبلغ بعض المرجعيات بصورة مباشرة أن هذه الطريقة تفرط بحقوق لبنان وهي انصياع كامل للمطالب الأميركية».

وقال فضل الله أمس: «نريد لبلدنا أن يستثمر كل خيراته وثرواته، وإذا كانت هناك من فرصة للتعافي، فهي باستخراج هذا النفط وهذا الغاز، وبدل أن يذهب البعض في لبنان إلى خطة تعافٍ يريدها على حساب المواطن أو المودع، فإن الطريق الصحيح للتعافي يبدأ من الثقة بالنفس، ومن الثقة بقوة لبنان وشعبه، ومن الثقة بأن لبنان قادر أن يحمي ثروته ويستثمرها ويستخرج غازه ونفطه بقوة إرادته وتعاونه وتكاتفه، بعيداً عن كل الحسابات الضيقة والاعتبارات والمصالح الشخصية».

وكان الرئيس ميشال عون قد قال قبل أيام إن مسألة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية لبلاده ستنتهي قريباً، وإن الحل سيكون لمصلحة لبنان، معلناً «أننا أصبحنا على مشارف التفاهم مع الأميركيين»، وأنه سيتم الوصول إلى حل يرضي الجميع.

من الجهة الثانية، نقلت «الشرق الأوسط» معلومات من تل أبيب تفيد بأن الاتفاق إلى بلورة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين ينص على مبدأ «بئر قانا للبنان وحده وبئر كاريش لإسرائيل وحدها». وذكرت أن غالبية القادة السياسيين في لبنان يؤيدون هذا الاتفاق باستثناء «حزب الله» و«حركة أمل»، ولذلك جاء إطلاق الطائرات الأربع المسيرة نحو المنطقة الاقتصادية الإسرائيلية، والتي تم تدميرها في الجو. وقالت إن تل أبيب «تطلب ضمانات أن يكون موقف لبنان ملزماً لحزب الله وأمل، فلا يطلقون طائرات مسيرة على الآبار الإسرائيلية».