Site icon IMLebanon

السيناريوهات السوداء! (بقلم رولا حداد)

نعجز في هذه المرحلة من التاريخ اللبناني أن نتخيّل سيناريو إيجابياً واحداً. تبدو السيناريوهات المطروحة كلها سوداء إلى درجة غير مسبوقة.

دعونا من الانهيار المالي والاقتصادي الذي غرق فيه لبنان، بالتزامن مع أسوأ جائحة عرفها التاريخ البشري الحديث وترافق مع أسوأ أزمة اقتصادية عالمية وإعادة اصطفافات دولية تنذر باحتمال اندلاع حروب إقليمية ودولية… من دون أن ننسى الأزمة الغذائية العالمية التي ضربت أينما كان بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا…

دعونا من كل ما سبق ولنتأمل بأوضاعنا في لبنان. نعيش في أسوأ عهد عرفه لبنان منذ نشأته اصطُلح على تسميته “عهد جهنم”. تمكن “حزب الله” من السيطرة بشكل كامل على مفاصل البلد ومؤسساته الدستورية وقراراته السيادية، سواء في الأمن الاستراتيجي وآخر تجلياته إرسال المسيّرات إلى حقل كاريش رغماً عن إرادة الحكومة كما عبّر بيان رئيسها ووزير الخارجية ورغماً عن إرادة رئيس الجمهورية الذي ادعى أنه لم يعرف بما حصل. كما تمكن من السيطرة على القرارات المتعلقة بالسياسات الخارجية فدفع بلبنان إلى حضن محور الممانعة ودفع لبنان نتيجة ذلك مقاطعة عربية وخليجية كبّدته أثمانا اقتصادية ومالية باهظة شكلت أحد أهم أسبب الانهيار المالي والاقتصادي الذي نعيشه.

وعلى مسافة حوالى 100 يوم من نهاية هذا العهد نجد أنفسنا أمام سيناريوهات لا تقلّ سوءًا عما نعيشه اليوم، لا بل تُنذر بالأسوأ في الآتي من الأيام:

ـ نحن نعيش في ظل حكومة تصريف أعمال لا تُبشّر الأجواء بإمكانية تشكيل حكومة جديدة تخلفها، ما يعني استمرار حكومة تصريف الأعمال حتى إشعار آخر رغم احتمال الفراغ في رئاسة الجمهورية، ما يوصلنا إلى سيناريو غير مسبوق في التاريخ اللبناني: لا رئيس للجمهورية ولا حكومة أصيلة!

ـ مع اقترابنا من نهاية العهد عادت “نغمة” بقاء رئيس الجمهورية في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته على الواجهة عبر “تسريبات” إعلامية “شبه رسمية” بفعل قربها من رئاسة الجمهورية عن منطق “الضرورات تبيح المحظورات”، ما يعني وضع لبنان أمام احتمال انفجار داخلي خطير على خلفية رفض قسم كبير من اللبنانيين للطموح العوني بما يشكل انتهاكاً غير مسبوق للدستور والأعراف إضافة إلى محاولة الاستقواء بسلاح “حزب الله” لتكريس هذا الواقع.

ـ وفي حال مغادرة عون القصر كما وعد مراراً وتكراراً فإن السيناريوهات البديلة تتراوح من احتمال فرض محور الممانعة لمرشح يتراوح بين رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، بما يشي هذا الاحتمال ووصول أي من المرشحين المذكورين إلى فرض انتماء لبنان نهائياً إلى محور الممانعة والغرق في جهنم الانهيار إلى ما لا نهاية ولا قعر له، إلى احتمال الشغور الرئاسي في مرحلة الانهيار والعجز التام عن القيام بأي خطوة إنقاذية في انتظار التسويات الإقليمية، لا بل ثمة من يهدد حتى بفرط حكومة تصريف الأعمال لممارسة الابتزاز السياسي ما سيحوّل البلد إلى كونتونات تحكمها قوى الأمر الواقع بالتي هي أحسن مع تحلل كلي للدولة ومؤسساتها في هذه الحال.

ـ أما إقليمياً وخارجيا فالسيناريوهات ليست بوردية، وتترواح بين حرب باردة طويلة في ظل انهيار اقتصادي عالمي وأزمة غذاء غير مسبوقة في التاريخ، وبين حرب إقليمية دولية قد تبدأ من احتمال توجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية أو ربما من احتكاك في جنوب لبنان، ولكن أحداً لن يعرف كيف ستنتهي مثل هكذا حرب.

الأفق مسدود؟ حكماً إلا إذا ارتأى أصحاب السلاح أنهم لن ينجوا من سيناريو تدمير الهيكل على رؤوس الجميع، فيكون الحل بإيصال شخصية إلى قصر بعبدا تعيد الثقة إلى الداخل والخارج وتبدأ مسيرة استعادة الدولة والسيادة معها وتنفيذ الإصلاحات وإعادة نسج علاقات لبنان العربية والدولية على أسس سليمة. هل يحق لنا أن نحلم؟ نعم… فلن يحرمنا أحد من حقنا بأن نحلم بوطن أفضل رغم كل السوداوية المحيطة بنا…