جاء في جريدة “الأنباء” الإلكترونية:
وسط الأزمات المتلاحقة التي يشهدها لبنان وتعثر الحكم في اجتراح الحلول العملية لإخراج البلد من جهنم، وعلى وقع تقاذف الاتهامات بين رئاستي الجمهورية والحكومة بتعطيل التأليف، وضعت تصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله لبنان في مهب المزيد من الخطر، عبر إصداره أمر اليوم بشكل منفرد ونيابة عن الدولة اللبنانية كلّها، وتوليه مسؤولية الناطق الرسمي والعسكري باسم اللبنانيين ملوّحاً بالحرب، ووضعه لكل الشعب اللبناني مكرهاً أمام خيار “الموت في الحرب”. هذا الكلام دفع برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للتذكير بأولويات اللبنانيين لتأمين حياتهم الكريمة عبر الإصلاحات والحلول للأزمات المتراكمة، مشيرا إلى أن تصريح نصرالله وضع حداً لإمكانية التفكير بالوصول الى تسوية حول الخط ٢٣، مضيفاً: “لقد دخل لبنان في الحرب الروسية الأوكرانية، لذا وتفاديًا لاندلاعها فهل يمكن للسيد أن يحدد لنا ما هو المسموح وما هو الممنوع؟ أفضل من أن نضيع الوقت في التخمين. وهل من المسموح أن نشرع الكابيتال كونترول؟ وما هو موقف حزب الله وحلفاؤه من هذا الموضوع؟ وهل مسموح التعاطي مع صندوق النقد الدولي وإرساء الصندوق السيادي الذي ترفضه أوساط رئاسة الحكومة وكبار المستشارين؟”، مستطرداً “هل يمكن تسليم وزارة الطاقة لجهة مضمونة وبناء معمل واحد فقط بدل صرف الاحتياط وصولاً إلى تفادي الانهيار والدخول في المجهول؟”.
مشهدية جديدة إذاً، ترتسم في أفق مستقبل لبنان عشية الاستحقاق الرئاسي وعلى وقع كل التطورات الاقليمية والدولية وما يمكن أن تحمله الى هذا البلد الصغير الأضعف من تلقّي كل أزمات العالم ومواجهتها بجوع أبنائه ومعاناتهم.
مسؤول الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور اعتبر في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية ان نصرالله “يحاول على طريقته ان يفرض أمراً واقعاً جديداً وهو أن سلاحه فوق أي نقاش وهو لا يخضع لأمرة أحد، فهو فوق الدولة وفوق الدستور وأي نقاش في هذا الأمر غير مسموح وسلاحه فوق الدولة وفوق الدستور، وهو يحاول ان يستمر بهذه السياسة للقول أن لا أحد يملي عليه ما يريد فعله ابتداء من مصادرة قرار الدولة والاطاحة بكل ما يتعلق بالدستور. فهذا النهج هو الذي أدى الى فشل لبنان”.
وأضاف جبور: “لقد ذهب نصرالله الى الأمام وأراد ان يشرّع الترسيم على طريقته وإخراجه من دائرة التفاوض، فهو يعتقد انه خلال هذا السلاح يستطيع ان يقدم للبنان وللمنطقة ما عجزت عنه أميركا. ونتيجة العقوبات هو قادر على حل كل المشاكل، علما ان كل ما وصلنا اليه هو نتيجة هذه السياسة التي ينتهجها. وفي حال حصل الترسيم يكون هو وراء كل ذلك شرط ان يبقى سلاحه، ومن هنا نجد ان هناك رفضاً واسعاً له، ما أدى الى تراجع شعبيته لدى كل القوى السياسية، وخاصة لدى حلفائه. ورغم ذلك أراد ان يقول انه قادر بهذا السلاح ان يقول للبنانيين انه قادر على انتزاع أي حق ضاع منهم”.
من جهته، النائب السابق فارس سعيد علّق على كلام نصرالله بالقول إنه “يعترف وكأنه المالك بملكه الذي نصّب نفسه حامي اللبنانيين، وذلك ردا على قرار اتخذه الرئيس الأميركي جو بايدن بعدم شطب اسم الحرس الثوري عن لائحة الارهاب”.
سعيد وفي حديث مع “الانباء” الالكترونية رأى ان “نصرالله كان يتكلم “إيرانيا” أمس الأول وليس لبنانيا، وهذه رسالة الى أميركا بشخص رئيسها للقول ان هذه المنطقة لن تقوم اذا لم تأخذ ايران كامل حقوقها من أميركا وحلفائها، فهو يريد أن ينصّب نفسه مكان الدولة والمدافع عن حقوق اللبنانيين. فبهذه اللحظة كان يتكلم إيرانياً”، مشيراً الى ان كلامه التصعيدي “أتى بناء على طلب ايراني ولن يقدم ولن يؤخر بالنسبة لعملية الترسيم، فاستثمار النفط والغاز يتطلب سلاماً وليس توتراً”.
الى ذلك وفي الشأن الحكومي، استبعد سعيد تشكيل حكومة في هذه الفترة بسبب الخلافات القائمة بين أهل الحكم، مبدياً تخوفه على انتخابات رئاسة الجمهورية، منتقداً تعاطي المرشحين مع هذا الاستحقاق وكأنهم يتنافسون على رئاسة احدى البلديات في احدى القرى اللبنانية، متوقعًا من فريق السلطة وبالتنسيق مع حزب الله المزيد من التصعيد فإما ان يأتي الرئيس الذي يريدون أو لا انتخابات رئاسية.
وعليه فإن كل المؤشرات تؤكد أن لا حكومة في المدى المنظور، لتتجه الأنظار الى الملفات الحيوية التي لا بد من إيجاد حلول سريعة لها ولو مؤقتة. وتتصدر الكهرباء قائمة هذه الملفات، الأمر الذي حضر في اقتراحات لجنبلاط قابلة للتطبيق وليست تعجيزية، حيث قال: “لماذا لا تضاف الى محطة الزوق ومحطة الجية مولدات اضافية بقدرة ٥٠٠ ميغاوات في كل محطة تفادياً لبناء محطات جديدة واختيار مواقع جديدة. كلا الجيه والزوق تتمتعان بالبنى التحتية الكافية مع تطويرها وكلا المحطتين كانتا أساس لكهرباء لبنان طوال عقود”. فهل من آذان صاغية ولو لمرة من أجل التخفيف عن كاهل الناس في ظل هذه الأزمة غير المسبوقة؟