كتبت منال زعيتر في “اللواء”:
تتصرف القوى السياسية في لبنان وكأن عهد الرئيس ميشال عون قد انتهى… الحجة الجاهزة ان الأشهر المتبقية من عمر العهد لم تعد تسمح بتشكيل أي حكومة، في الأصل لا نيّة لأي مكوّن بالذهاب نحو حكومة أصيلة في ظل تزايد الحديث الدولي عن إستحالة السماح بالفراغ في الرئاسة الأولى أو تسليم صلاحية إدارة البلد الى حكومة أصيلة أو حكومة تصريف أعمال، كما في ضوء تراجع فرنسا عن فكرة عقد مؤتمر لتغيير النظام السياسي والاكتفاء راهنا بإدارة الأزمة في لبنان عبر شخصيات وسطية في الرئاستين الأولى والثالثة.
الرأي الغالب هنا، ان أي محاولة للعب بالتقسيم السياسي في البلد في ظل الانهيار المالي والحرب الروسية على أوكرانيا ومسألة استخراج الثروة النفطية هو بمثابة عملية انتحار ستؤدي حكما الى فدرلة الدولة، وبالتالي فان اعتماد السياسة الوسطية في إدارة الأزمات السياسية المتلاحقة في لبنان سيحافظ على التوازن السياسي والأمني القائم وسيؤدي المطلوب لجهة منع انهيار لبنان بالكامل.
أضف الى ذلك، ان إعلان المقاومة في لبنان لأول مرة في تاريخها بشنّ حرب إذا ما استمر العدو الإسرائيلي وبرعاية أميركية مباشرة بالتسويف في الملف النفطي غير كل المعادلات والتسويات السياسية في لبنان والمنطقة، ودخلنا عمليا في مرحلة تقليص الخيارات السياسية لحل الأزمتين السياسية والاقتصادية في لبنان، ولكن ضمن أطر تغليب خيار التوصل الى تسوية حول الملف النفطي بعد دخول دول أوروبية وعربية جديدة على خط التهدئة لإيجاد حلول تمنع نشوب الحرب، والخيارين المطروحين وفقا لمصادر قيادية في الثنائي الوطني كالتالي:
الخيار الأول: انتخاب شخصية وسطية لرئاسة الجمهورية، وهناك معلومات دبلوماسية تتحدث عن تأييد فرنسي لوصول أحد وزيري الداخلية السابقين زياد بارود أو مروان شربل الى الرئاسة الأولى، في حين تتحدث أوساط داخلية عن العديد من الأسماء نتحفظ عن ذكرها حاليا، وهذا يعني ان التوجه الدولي هو لإبقاء الستاتيكو اللبناني كما هو «أي انتخاب وسطي للرئاسة الأولى مع الالتزام بإعادة ترشيح رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي للرئاسة الثالثة»، لإدارة الأزمة المالية بما يمنع الانهيار الشامل وتوقيع الاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي والهيئات المانحة ووضع الاتفاقيات الأولى لاستخراج النفط والغاز، ولكن على الرغم من محاولة تسويق أسماء معروفة لتولي منصب رئاسة الجمهورية، إلا ان الثنائي الوطني يحتفظ بإسم وسطي مغاير لما يطرحه الفرنسيون والمجتمع الدولي، وهو وفقا للمعلومات المسرّبة شخصية اقتصادية بامتياز لا تتعاطى الشأن السياسي وتحمل جنسية أوروبية.
الخيار الثاني: استمرار الفراغ في الرئاسة الأولى لحين الاتفاق على تسوية «دولية – لبنانية – إقليمية» شاملة توصل في النهاية رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى بعبدا، وهذه التسوية بطبيعة الحال ستشمل اتفاقا نهائيا شاملا حول الملف النفطي واستخراج لبنان لثروته النفطية والاتفاق على خطة للنهوض الاقتصادي وإدارة الأزمة المالية… هنا تتحدث معلومات موثوقة عن إعادة تسويق الأميركيين لإسم قائد الجيش جوزف عون للرئاسة الأولى، مع إشارة المعلومات ذاتها الى معارضة باريس وتحفّظ الثنائي الوطني على اعتبار ان عون ليس وسطيا، كما لا يمكن أن يأتي ضمن أي تسوية سياسية شاملة، والمفارقة ان اسم جوزف عون بات يتداول كالمرشح الأوفر حظا وهناك أخذ ورد مع جهات أساسية في البلد حول إمكانية السير به.