IMLebanon

رهن الرئاسة بتسوية بين فرنجية وباسيل

كتب منير الربيع في “المدن”:

على وقع انتظار لبنان اتضاح صورة الوضع في المنطقة، وفي ظل استسلام اللبنانيين للوصول إلى قواعد إقليمية تنعكس داخليًا في اجتراح تسويات سياسية، دخل الجميع في مدار الانتخابات الرئاسية. مواقف متضاربة ومتناقضة، كلها تصب في سياق استمرار الأزمة السياسية، التي يريد كل طرف من خلالها إثبات غلبته في إيصال المرشح الذي يريده.

عون الشلل والتقسيم

منذ العام 2005، هناك خطاب في لبنان يركز فقط على الحصص الطائفية، تحت عنوان المشاركة الحقيقية. هذا الخطاب ساهم في إنتاجه التيار العوني بدعم مطلق من حزب الله. وهو وضع آليات جديدة في عملية تشكيل الحكومة، وفرض انتخاب ميشال عون رئيسًا للجمهورية، بعد شلل في المؤسسات لاكثر من سنتين.

وهو يسعى اليوم إلى تقسيم مدينة بيروت، شرقية وغربية، مصرًّا على وضع خطوط تماس بين اللبنانيين. ولا يزال يسعى إلى فرض هذه الآليات نفسها في معادلة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد في الاستحقاق المقبل.

المسيحي القوي: فرنجية أو باسيل

هذه الآلية -وعنوانها: إما المسيحي القوي، أو المسيحي الذي تسمّيه القوى المسيحية- كانت من اختراع التيار العوني، وأخطر ما فيها هذا النقاش الدائر اليوم في استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، وفق الآليات التي فرضها التيار. وقد تبنى الجميع هذه الآليات. وهذا ما حاول حزب الله فرضه في استحقاق تسمية رئيس الحكومة، ووقع فيه السنّة.

في هذا الإطار يتم تداول اسم سليمان فرنجية مرشحًا لرئاسة الجمهورية، إنطلاقًا من هذه المعادلة. وهكذا يصبح الشعب اللبناني رهينة تبلور تسوية معينة بين فرنجية وباسيل، لتحديد معالم الرئاسة المقبلة.

قصور في الرؤية

يؤدي ذلك كله إلى تبنّي مبدأ تصغير الحيثيات والمواقع بشكل مباشر أو غير مباشر. وهذا يكرّس مبدأ العزل والانعزال بين الطوائف وفي المواقع. وكأن كل موقع أصبح جزيرة معزولة ومنفصلة عن الأخرى.

أما التنظير بأن فرنجية قد يصير خارج سياق الفروض التي وضعها التيار العوني، تشبه الفرضية القائلة إن انتخاب عون رئيسًا يحرره من تحالفه مع حزب الله بعد وصوله إلى الرئاسة. وهذا يدلّ إلى قصور في البصيرة، وعدم التعلّم من التجربة التي حصلت.

معايير وطنية لانتخاب رئيس

المطلوب بدل ذلك اعتماد معايير وطنية لانتخاب رئيس الجمهورية. أولها أن يكرس الرئيس المفترض نوعًا من التوازن في علاقات لبنان الإقليمية والدولية. وثانيها أن يكون موقفه واضحًا من استعمال لبنان منصة إنطلاق للمشروع الإيراني في المنطقة.

ثالث المعايير أن يُنتخب رئيس للجمهورية يساهم في تخفيف الانقسامات بين اللبنانيين. لا أن يكرسها ويعززها كما حصل في عهد ميشال عون. وكما حصل في مرحلة التمديد لإميل لحود. أما المعيار الرابع فمنطلقه البحث عن رئيس للجمهورية قادر على متابعة وضع لبنان على سكة التعافي الاقتصادي والمالي، بدلًا من الغرق في حسابات المحاور ومصالحها. ويحتاج هذا إلى تفاهمات مع المؤسسات الدولية، ووضع سياسات اقتصادية تأسيسية للبلد. وهذه المعايير يجب أن تنطبق على رئيس الحكومة المقبل، المفترض أن يترأس أول حكومة في العهد الجديد.

أمام ذلك لا بد من الوقوف أمام مسألة ثابتة: الانهيار اللبناني آخذ في التوسع، ولم يعد في الإمكان البحث عن محاولات ترقيعه. فأي محاولة للترقيع تؤدي إلى اتساع الانهيار من جوانب أخرى ومختلفة.