كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
لم تكن اطلالة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على شاشة قناة المنار مؤخرا، هكذا بالصدفة أو بلا رسائل وغايات محددة، بعدما تزامن هذا الظهور اللافت مع تزاحم الاحداث واقتراب عهد الرئيس ميشال عون، حليف الحزب على الانتهاء بنتائج كارثية على لبنان كله، وحلول موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بكل ما يحمله هذا الاستحقاق المهم من تحديات وتجاذبات سياسية، لإيصال رئيس جديد للجمهورية، يستطيع أن يخرج لبنان من ازماته، او يبقى أسير الدوران في دوامة العجز والفراغ وعدم القدرة على الخروج من هيمنة سلاح حزب الله، وتسلطه على قرارات ومقدرات الدولة اللبنانية.
حاول رئيس التيار الوطني الحر، ان ينفي ترشحه للرئاسة الاولى اعلاميا، خلافا لطموحاته الضمنية، التي يوظف لها كل قدراته وعلاقاته، وهو الذي يخاصم كل المرشحين المحتملين للرئاسة، ويخوض غمار حروب الإلغاء ضدهم بكل السيناريوهات والاساليب المقيتة، لتشويه سمعتهم وقطع الطريق عليهم، وقد اعلن مرارا أنه المرشح الطبيعي لرئاسة الجمهورية، باعتباره يرأس كتلة نيابية مسيحية كبيرة، ومؤهل أكثر من باقي المرشحين المطروحين لتولي رئاسة الجمهورية.
لم يكن اعلان باسيل عدم ترشحه للرئاسة من هباء او تعففا، وانما لانه لم يرَ بصيص ضوء، يساعده للترشح، لاسباب عدة، اولها مسؤوليته المباشرة عن الفشل الذريع لعهد الرئيس ميشال عون، وثانيها فشله الشخصي في كارثة تدمير قطاع الكهرباء بالكامل واغراق لبنان بالظلام الدامس، بالرغم من هدر وسرقة عشرات مليارات الدولارات لاكثر من عشر سنوات من هيمنته على وزارة الطاقة، استمرار الاستياء العربي من اساءاته للدول العربية وانحيازه للسياسة الايرانية، وتداعيات اتهامه بالفساد اميركيا، وخصوماته الداخلية مع معظم الاطراف السياسيين، وربما أراد عدم احراج حليفه حزب الله قبل انقطاع صورة الاستحقاق الرئاسي، اقليميا ودوليا.
اعلن باسيل عدم دعم ترشيح خصمه زعيم تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، لانه بالاساس ضده، او ربما أراد ارسال اشارة ما بعدم دعم الحزب لترشحه ولو بشكل غير مباشر، وفي كلتا الحالتين، الاشارة سلبية ضد ترشح فرنجية.
لم يقتصر الامر عند هذا الحد، بل كان اعلان باسيل في غمرة تفاعل الحادثة التي تعرض لها المطران موسى الحاج، والحملة التي يتعرض لها البطريرك الماروني بشارة الراعي من قبل حزب الله واتباعه اشارتين، الأولى رفضه للمواصفات التي حددها البطريرك الماروني بشارة الراعي لأي مرشح رئاسي محتمل، لانها لا تطابق عليه، وهذا يعني بالخلاصة زيف ادعاء عدم ترشحه كما اعلن والثانية، لان هذه المواصفات موجهة ضد اي مرشح رئاسي يتبناه ويدعمه حزب الله أيضا، ويكون بهذا الموقف سلف موقفا للحزب ضد البطريرك الماروني في المواجهة القائمة حاليا.
لم ينجح رئيس التيار الوطني الحر في تبرير فشله والتهرب من مسؤوليته المباشرة بتدمير قطاع الكهرباء، بالرغم من محاولته التذرع بضرورة بناء معامل للكهرباء، لانه مهما استسهل الاجابة وتهرب بالكذب الذي يتقنه، فالسؤال يبقى، لماذا لم يبادر الى القيام بهذه المهمة طوال اكثر من عقد من الزمن، واين اهدر الاموال التي تبني عشر معامل للكهرباء.
في الخلاصة، شكلت الرسائل التي وجهها رئيس التيار الوطني الحر من على شاشة حليفه حزب ألله مؤشرا، ليس بخصوص بداية فتح ملف الاستحقاق الرئاسي، وعدم وضوح الرؤية والخيارات بشكل نهائي فقط، بل على إغلاق ملف تشكيل الحكومة الجديدة بتصعيد متعمد ضد رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، بكل ما تعنيه هذه الاشارة من معنى، مع تاكيد باسيل التزامه بالاصطفاف الى جانب حليفه في الاشتباك الدائر حول حادثة المطران الحاج، والاهم من كل ذلك، أعطت الاطلالة التلفزيونية لباسيل، انطباعا واضحا، بتغطية الحزب لممارسات وسياسات الاخير، بعرقلة تشكيل الحكومات وعملها، طوال المرحلة الماضية، والتغاضي عن نهب وتدمير قطاع الكهرباء، خلافا لكل ادعاءات قادة الحزب ونوابه، في كل مواقفهم وخطبها الرنانة بالمناسبات على اختلافها.