كتبت لينا الحصري زيلع في “اللواء”:
كل المعطيات الراهنة تشير الى ان لا حكومة جديدة في الأفق، في ظل انسداد آفاق الحلول من أجل تقريب وجهات النظر والوصول الى نقاط مشتركة بين المعنيين في ملف التشكيل، وتحديدا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي مع استمرار تقاذف المسؤوليات ودوامة الشروط والمطالب التعجيزية رغم دقة الظروف وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، واللافت كان دخول رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على خط التأليف وبشكل مباشر إذ بدا ومن خلال مواقفه المتشنّجة التي أطلقها صراحة الأسبوع الماضي بأنه «الآمر الناهي» بلا منازع في ملف التأليف، مما يؤكد ان هذا الملف سيبقى في حكم المجمد مع اتساع هوة الخلافات وصعوبة تضييقها لاستهلاك المزيد من الوقت لحين موعد الاستحقاق الرئاسي الذي يدخل لبنان مداره الرسمي مع بداية أيلول المقبل، في الوقت الذي نُقل فيه عن رئيس مجلس النواب نبيه بري حرصه دعوة المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية فور حلول موعد الانتخابات بدون أي تأخير.
مصادر الرئيس نجيب ميقاتي تؤكد لـ«اللواء» بأن لا جديد في ملف التشكيل والكرة باتت في ملعب رئيس الجمهورية بعدما تسلّم الأخير من ميقاتي في اجتماعهما الأول غداة التكليف مسودة التأليف، وأشارت المصادر الى ان الأمور لا زالت على حالها والرئيس المكلف ليس في وارد تقديم أي مبادرة جديدة لأنه قدّم التشكيلة الذي يعتبرها مناسبة في هذه المرحلة وهو لا يزال متمسّك بطرحه، ولفتت الى ان المشكلة ليست عند ميقاتي بل هي لدى من لا يريد تسهيل ولادة الحكومة خصوصا انه لم تتم مناقشته بما قدّمه، لذلك فهو لا يزال ينتظر اتصالا من قصر بعبدا لتحديد موعدا جديدا له من أجل الاستماع الى ما لدى رئيس الجمهورية من ملاحظات على المسودة المقدمة، كما تبدي المصادر استعداد ميقاتي للبحث ومناقشة أي صيغة يقترحها الرئيس عون.
وتشير المصادر الى انه في هذه الاثناء وبإنتظار أي مؤشرات جديدة في ملف التشكيل فإن الرئيس ميقاتي وضع جانبا صفة المكلف ويتصرف راهنا كرئيس لحكومة تصريف الأعمال وهو يقوم بكل مهامه الدستورية لتسيير شؤون الدولة المنهارة بكافة قطاعاتها، كذلك الأمر بالنسبة لأعضائها الذين يقومون بواجباتهم كما لو انها كاملة المواصفات باستثناء عقد جلسات لمجلس الوزراء، رغم ان هناك إمكانية حسب المصادر لأن تجتمع ولكن رئيسها يرفض الدعوة المجلس إلا عند الضرورة القصوى وهو قد أعلن ذلك بصراحة في قضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حين قال: «إذا كان هناك اتفاق على الموضوع فليس لديّ من مانع لدعوة مجلس الوزراء»، ولكن المصادر تشير الى انه من الواضح اننا سنشهد منحى تصعيدي في المواقف من قبل جبران باسيل غير المنطقية.
وتعتبر مصادر ميقاتي انه من الواضح بأن فريق رئيس الجمهورية لا يريد تشكيل حكومة لأن لديه اعتبارات وهي بأن أي حكومة جديدة قد لا تمنحه المكاسب الذي يعتبر نفسه حاصلا عليها، لذلك فإن لا مشكلة لدى هذا الفريق باستمرار الحكومة الحالية بتصريف الأعمال، ولكن في الوقت ذاته فهو أراد من خلال بعض تصرفاته افتعال مشاكل دستورية محاولة منه لخلق أمر واقع.
وإذ رأت المصادر ان الضغط السياسي الحاصل والذي طالت مفاعيله بكركي سينعكس على الواقع الحكومي، اعتبرت بأن الوضع يشبه مرحلة ما بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وتقول مصادر الرئيس ميقاتي: «على الرغم انه لا يوجد حاليا أقلية وأكثرية في المجلس النيابي ولكن الفرز السياسي عاد ربما أقوى من مرحلة ما بعد الاغتيال، مع اختلاف في الوضع الاقتصادي الاجتماعي الذي أصبح راهنا أصعب بكثير عما كان عليه في تلك المرحلة، وهذا الوضع سبق كل الحسابات السياسية وبات قريب من لحظة الانفجار الاجتماعي الكبير في ظل تعليق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإستحالة القيام بالإصلاحات المطلوبة».
وتلفت المصادر الى ان كل المعطيات المتوفرة حتى الآن تشير الى ان الانتخابات الرئاسية قد لا تحصل في موعدها المحدد، وتؤكد ان بقدرة الرئيس ميقاتي الاستمرار في تولي زمام الأمور مرغما رغم خطورة ودقة الأمر، وتعتبر بأنه رغم اهتمام المجتمع الدولي بالوضع اللبناني ولكنه يبدو انه ليس من أولوياته في المرحلة الراهنة.
وحول زيارة المبعوث الأميركي اموس هوكشتين الى بيروت أكدت المصادر حصولها يوم الأحد المقبل، وأملت أن يكون يحمل في زيارته طروحات وحلول إيجابية جديدة، ولكنها نفت أن يكون لديها معلومات حول ما سيطرحه، لافتة الى انه لو لم يكن لديه جديد لما كان حدّد موعدا لزيارته.