كتبت ندى أيوب في “الأخبار”:
حتى الساعة لا شيء يشير إلى أن العاملين في القطاع العام، مدنيين وعسكريين، سيتقاضون رواتبهم في نهاية شهر تموز بسبب توقف العاملين في مديرية الصرفيات عن العمل. ورغم أن السلطة تعلم ما سيحصل، إلا أنها تواصل ممارستها البيروقراطية في تقديم اقتراحات وإسقاطها ثم تعديلها بهدف تجزئة الرواتب وكبح الإضراب المفتوح.
يعقد اليوم اجتماع للجنة الوزارية المكلّفة متابعة الإضراب برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وحضور ثلة من الوزراء فضلاً عن مجموعة من المديرين العامين لاتخاذ قرارٍ نهائي حاسم بشأن الصيغة الأحدث من تجزئة رواتب الموظفين التالية: الراتب الأساسي، مساعدة اجتماعية (كانت نصف راتب وصارت تعادل قيمة راتب شهر مع حدّ أدنى وحدّ أقصى)، بدل نقل بقيمة 95 ألف ليرة عن كل يوم حضور، وراتب تحفيزي تتراوح قيمته بين 150 و300 ألف ليرة تختلف بحسب فئة الموظّف عن كل يوم حضور إلى مركز العمل. الهدف من هذا الاجتماعات، كما كل الاجتماعات التي عقدت سابقاً مع المديرين العامين، هو إخضاع الموظفين ومنعهم من الاستمرار في الإضراب، إذ إن هؤلاء المديرين العامين اقترحوا أن يتم إقرار هذه الرواتب مقابل إصدار تعميم يحذّر العاملين في القطاع العام من الإجراءات الإدارية والعقابية التي يمكن أن تفرض عليهم من خلال تحديد حدّ أدنى للحضور بيومين أقلّه إذ سيتم توجيه تأديب لكل من يخالف هذا الحدّ الأدنى فضلاً عن منح صلاحيات استنسابية واسعة للمديرين العامين في تحديد الحاجة للحضور فوق هذا السقف، كما أن من يتغيّب أكثر من 15 يوماً عن العمل سيعدّ مستقيلاً ويتم التعامل معه على هذا الأساس.
الهدف من الأمر تدمير التكاتف الظاهر في إضراب الموظفين المفتوح وإيجاد شرخ في ما بينهم يرمي إلى إضعاف موقفهم وإجبارهم على وقف التحرّك الاحتجاجي من خلال التهويل بفصلهم من الوظيفة العامة أو بتأديبهم. وفي المقابل ترفض السلطة أي إصلاحات تتعلق بالمالية العامة ككل باستثناء ما ورد منها في مشروع الموازنة العامة لعام 2022 وأبرزها الدولار الجمركي، أو ما خطّه صندوق النقد الدولي في تقارير سابقة لجهة زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 15%.
وتبلغ كلفة اقتراحات المديرين ما قيمته 72 مليار ليرة شهرياً، ولن يجري اعتمادها لأكثر من شهرين فقط. ويتوقع أن يتخذ القرار في الجلسة التي ستعقد اليوم بعدما تأجل من يوم الاثنين طبقاً للاستمهال الذي طلبه وزير المال يوسف الخليل من أجل دراسة كلفة الطرح وانعكاساته المالية وإيجاد مصادر تمويلٍ له، والنقاش في إمكانية إشراك القضاة والأساتذة الجامعيين للاستفادة منه.
وبانتظار ما سيرشح عن لقاء اليوم، الذي يستبعد أن يختلف عما سبقه لجهة هزالة الطروحات المقدمة من السلطة، والفشل في تقديم جدوى فعلية لها وسط تعثّر في تمويلها، يواصل موظفو الصرفيات الامتناع عن الحضور إلى مركز عملهم التزاماً بالإضراب ما يعني أن رواتب العاملين في القطاع العام لن تصرف في نهاية الشهر إذ إن تحضيرها يتطلب أكثر من 10 أيام. وما يدعم موقف موظفي الصرفيات، تفهّم زملائهم في القطاع لأوضاعهم ولأهمية الخطوّة، وتأثيرها الضاغط على السلطة، حتى وإن كان الخيار موجعاً لكونهم هم أنفسهم من سيدفعون الثمن بالدرجة الأولى على صعيد متطلباتهم الحياتية والمعيشية في الأيام المقبلة.