كتبت رانيا شخطورة في “وكالة أخبار اليوم”:
في وقت ينتظر فيه ان تصدر شركة “الفاريز اند مارسال” تقريرها الاول في ايلول المقبل، كشفت معلومات من مصرف لبنان أن شركة التدقيق المحاسبي KPMG والمكلفة من قبل صندوق النقد الدولي بالتدقيق في عمل مصرف لبنان منذ العام ٢٠١٥ وحتى العام ٢٠٢٠ لم تجد مخالفات، والقيود سليمة، وان العمل كان ضمن المعايير والاصول العالمية، وبالتالي تم تكليفها مجددا بالتدقيق في عمل مصرف لبنان للعام ٢٠٢٠ – ٢٠٢١.
فكيف يمكن قراءة ما صدر عن KPMG، وما المنتظر من تقرير “الفاريز اند مارسال”؟
يشرح مصدر اقتصادي مالي واسع الاطلاع ان كل الدراسات التي تصدر من هنا وهناك وسمعنا عنها في السنوات الثلاثة الاخيرة، وتناولت مصرف لبنان والقطاع المصرفي والواقع الاقتصادي هي مستندة الى دراسة اجراها صندوق النقد الدولي في العام 2019 مع تغيير لبعض الارقام.
ويوضح المصدر ان صندوق النقد حين كلف KPMG ، كان بهدف الوصول الى حل يكون مبنيا على حقائق، مشيرا الى ان الهدف هو تحديد الارقام.
وفي هذا السياق، يميز المصدر ما بين المحاسبة التي تشمل العملية المالية دخولها وخروجها وتركيبتها، وبين التدقيق المحاسبي للتأكد والتحقق – ليس بنية عقابية- من الامتثال الى المعايير العالمية، اي انه اذا كانت المعلومات الحسابية مكتوبة بطريقة صحيحة. قائلا: وعلى هذا الاساس تصدر البنود المتعلقة بموازنة المصرف المركزي، الاحتياطي، الكتلة النقدية بالعملة المحلية والاجنبية، وذلك بعد التأكد من ان المعلومات المحاسبتية صحيحة وسليمة.
وردا على سؤال، يوضح المصدر ان هناك اصولا تتبعها المؤسسات من اجل كتابة موازناتها بحسب كل قطاع ونوعية كل مؤسسة انطلاقا من المعايير المحددة عالميا، ويأتي التدقيق من اجل التأكد من مطابقة ما هو مكتوب مع تلك المعايير.
ويقول المصدر، الجدير ذكره في هذا المجال انه في اطار ترحيل الخسائر، كان مصرف لبنان استحصل على موافقة خطية من قبل صندوق النقد الدولي الذي رد على كتاب وجهه اليه الحاكم رياض سلامة بانه يمكن القيام بذلك في ظروف استثنائية.
ويضيف: في المحصلة لم يتبين لـ KPMG ان هناك اي مخالفات بالنسبة الى المعايير العالمية وبالتالي لا مخالفات قانونية مع العلم ان عبارة “الامتثال الى المعايير” تعطي تلك المعايير قوة القانون.
وفي هذا السياق، يذكر المصدر ان مصرف لبنان بحكم كونه عضو في صندوق النقد ويتمثل بشخص حاكمه، فان الصندوق يعلم بشكل يومي “ما يحصل داخل المركزي”.
مع الاشارة هنا الى انه في العام 2017 وعلى خلفية الهندسات المالية وقتذاك، قام فريق من صندوق النقد بالتدقيق في حسابات مصرف لبنان، وكان الجواب ان تثبيت سعر الصرف ما زال مؤاتيا للمرحلة القادمة ويجب العمل على طريقة تجعله اكثر مرونة، واعتبر الفريق ان سياسات مصرف لبنان انقذت الدولة اللبنانية من الانهيار.
وانطلاقا مما تقدم يرى المصدر انه في مقابل التشكيك بما قام به مصرف لبنان -الذي يختصره خصوم سلامة بشخص الحاكم- هناك قرارات بحسب القانون والدستور لا يستطيع سلامة اخذها بمفرده فهو دائما كان ينال موافقة الحكومة وموافقة المجلس المركزي.
وما الفرق بين ما قامت به kpmg والتدقيق الجنائي لـ “الفاريز اند مرسال”، يجيب المصدر: يجب اولا ان نعرف ما هي الجريمة المرتكبة، والكلام عن “اختفاء” اموال المودعين ليس دليلا قاطعا، اذ هناك تقارير تفيد عن كيفية توظيف تلك الاموال. ويلفت الى ان هناك مرحلة تم القفز فوقها، من اجل الذهاب نحو مرحلة اتهامية مسبقة، حيث يوحي مهندسو التدقيق الجنائي الذين يدعون ابوته ان نتيجته ستعني “القاء القبض على سلامة وسجنه”.
ويعتبر ان التدقيق الجنائي الذي يأتي بعد التدقيق الحسابي الذي قامت به kpmg واظهر ان لا مخالفات، يجب ان يأخذ هذا الامر بالاعتبار، على الرغم من ان “الفاريز ومرسال” تنطلق من خلفية “اتهامية”.
وهنا يسأل المصدر: حين يظهر ان النتائج معروفة سلفا فان الامر يدعو الى الشك في التدقيق، وكأن ما يحصل تركيب طرابيش للوصول الى تلك النتائج، وبالتالي هل ستخسر “الفاريز ومرسال” صيتها العالمي كي تلعب هكذا لعبة؟
وفي سياق متصل، يلفت المصدر الى انه اذا كان صندوق النقد طلب تدقيقا في مصرف لبنان، فان ذلك انطلاقا من كونه سلطة معنوية، اما التحقيق الجنائي الذي تقوم به “الفاريز ومرسال”، فيأتي من السلطة السياسية، بحيث ان الطلب الاول اتى من رئيس الجمهورية، في حين التوقيع قامت به وزارة المال، وهي بالتالي التي ستتسلم التقرير المنتظر.
ويقول: الجميع يعلم ان الحاكم ليس وحده المسؤول بل المجلس المركزي الذي يضم ممثلين عن كل الاطراف السياسية، الامر الذي يدعو الى السؤال: في فرضية ان التقرير ادان مصرف لبنان بشيء، وسُلّم الى وزارة المال انطلاقا من العقد الموقع، هل سترفعه الاخيرة الى رئاسة الجمهورية؟… وهنا قد نكون امام اشتباك سياسي من نوع آخر.
الى ذلك، يشير المصدر الى انه بغض النظر عما سيصدر في تقرير “الفاريز ومارسال” فان طريق اجراء هذا التدقيق في مصرف لبنان باتهام مسبق خلق جوا من عدم الثقة التلقائية بالمصرف المركزي وهذا اضراره ليست على شخص سلامة الذي لن “يلقطوا عليه شيء” اذ لو كان هناك امر ما لكان ظهر مع kpmg، بل ان الامر سيضرب مصرف لبنان كمؤسسة على الرغم من ان لديها مقاصة دقيقة للدولار الاميركي غير موجودة في اي بلد آخر خارج الولايات المتحدة.