كتب منير الربيع في “المدن”:
تعود مؤشرات التهدئة لتطغى على الساحة الإقليمية: العودة إلى فيينا والبحث عن تجديد التفاوض واللقاءات، يلقيان صداهما في البحث عن صيغة لتهدئة الوضع العراقي. وهذا سينسحب أيضًا على تهدئة في لبنان، بعد تصاعد التهديدات باحتمالات الاشتباك، في حال عدم الوصول إلى اتفاق بشأن ترسيم الحدود.
هنا لا يمكن إغفال مؤشر تمديد الهدنة في اليمن، والبحث في تحديد موعد للقاء بين وزيري خارجية السعودية وإيران. ذلك أن إعادة فتح مسار التفاوض الإيراني- الأميركي في فيينا، حتى في حال عدم التوصل إلى حلّ سريع، تعني استمرار التفاوض بدلًا من القطيعة التي تنعكس سلبًا على الوضع العام في الشرق الأوسط.
تحت سقف هذه العناوين المختلفة والمترابطة، يتركز البحث على توفير مقومات التهدئة وتجنّب التصعيد بين حزب الله وإسرائيل. وبعدما كان أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قد وضع سقفًا زمنيًا، هو شهر أيلول، لإعلان الاتفاق، يبدو أن الضغوط الدولية، ولا سيما الأوروبية الأميركية، تسهم في تمديد هذه المهلة إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية وانتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون.
وحسب مصادر قريبة من حزب الله، وضع نصرالله سقفًا زمنيًا لمنع إسرائيل من استخراج النفط من حقل كاريش، قبل إنجاز اتفاق الترسيم مع لبنان. وكان مسؤولون إسرائيليون قد أصروا على ضرورة الاستخراج في شهر أيلول. وبعد اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر، قالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار إن إسرائيل لم تحدد موعدًا للاستخراج في أيلول، إنما حزب الله هو من وضع هذا السقف. يأتي هذا الكلام فيما يبحث مسؤولون إسرائيليون أمنيون وسياسيون في إمكان تأجيل استخراج النفط والغاز من حقل كاريش لتجنّب التصعيد.
على الصعيد اللبناني يبدو الارتياح سائدًا. فهناك ثقة بأن لبنان سيحصل على مطالبه كاملة: حقل قانا زائد الخطّ 23. ولدى سؤال المسؤولين اللبنانيين عن الموقف الإسرائيلي بالمطالبة بجزء من مساحة البلوك رقم 8، يأتي الجواب سريعًا: الإسرائيليون يقدمون هذا المقترح كنوع من الحفاظ على ماء الوجه، وفي إطار المزايدات الانتخابية.
وتجزم المصادر بأن لبنان سينال مطالبه كاملة، ولكن بعد الانتخابات الإسرائيلية. فقبل الانتخابات لن تتمكن إسرائيل من تقديم أي تنازل. لذلك وجدت من الأفضل وقف العمل في حقل كاريش، لتجنّب التصعيد ولعدم وجود قرار إسرائيلي للدخول في مواجهة، إضافة إلى الرفض الأميركي المطلق لأي تصعيد أو حرب في لبنان.
قد تكون هذه الصيغة هي الأفضل للجانبين. فمسار المفاوضات لا يزال بحاجة إلى وقت، في انتظار أن يضع المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين مقترحه الخطّي، والعودة به إلى لبنان وإسرائيل، للحصول على موافقتهما. وبعدها تحدد مواعيد عقد جلسات في الناقورة. فالأمر يحتاج إلى أكثر من جلسة بين تقنيين لإنجاز الاتفاق التقني، وما يتعلق بعملية الترسيم.
هنا تقول مصادر لبنانية إن لبنان حقق مكسبًا: وقف عمل إسرائيل في حقل كاريش. ويبقى الأهم هو بدء الشركات الدولية العمل بالتنقيب في الحقول اللبنانية. وهذا يحتاج إلى وقت. لكن لبنان تبلغ جديًا استعداد الشركات لبدء العمل بعد إنجاز الترسيم. والاتفاق مع الشركات يحتاج إلى وقت. فحتى لو اتففق حاليًا على الترسيم، فإن الاتفاق على آلية عمل الشركات يحتاج إلى بضعة أسابيع.
ويبدو أن الصيغة تقضي بتأجيل العمل الإسرائيلي إلى الخريف، وكذلك إنهاء اتفاق الترسيم. يبقى هذا قائمًا طالما الستاتيكو الإقليمي على حاله، وعدم حصول أي مفاجآت قد تؤدي إلى قلب مسار الأمور.