كتبت راجانا حمية في “الأخبار”:
أحيا سقوط صومعتين من الجهة الشمالية لمبنى الاهراءات، في الذكرى السنوية الثانية لانفجار 4 آب، مشاعر مماثلة لدى كلّ من شهد الانفجار نفسه قبل عامين، وإن خفّف عدم سقوط ضحايا من وطأة الحزن والأسف.
أول من أمس، سقطت صومعتان من الصوامع المتبقّية في الجهة الشمالية (رقم 49 ورقم 56). وقبلهما بأربعة أيام، سقطت صومعتان أيضاً (رقم 35 ورقم 42)، بعدما وصلت نسبة انحرافهما إلى ثماني درجات قبل سقوطهما بوقتٍ قليل. واليوم، لم يبق من تلك الجهة سوى أربع صوامع (أرقام 63 و70 و77 و84) تحتوي على نحو 2500 طن من الذرة، سقوطها «مسألة وقتٍ فقط»، يقول وزير البيئة، الدكتور ناصر ياسين. يعزّز هذه الفرضية عاملان أساسيان: أوّلهما يتعلّق بعدم وجود أساسات تسندها، وثانيهما درجة الانزياح اليومي الذي تتعرّض له هذه الصوامع، إذ بلغت نسبة انحنائها حتى عصر أمس 3 درجات تقريباً، بحسب بيانات آلات الاستشعار. وهي تقترب شيئاً فشيئاً لتصبح «بنفس درجة انحناء برج بيزا الإيطالي»! وإن كانت ثمة فوارق تتعلق بأن البناء الأخير «له أساسات وهيكل ثابت»، بحسب مستشار وزير البيئة ورئيس اللجنة العلمية لمعالجة الحبوب في مرفأ بيروت عقب انفجار 4 آب، الدكتور محمد أبيض.
لا توقيت للحظة سقوط هذه الصوامع ولا سيناريو أيضاً لكيفيته، وإن كان أبيض يشير حتى اللحظة إلى أنه سيكون مماثلاً لسقوط الصومعتين السابقتين، أي في الحفرة المائية التي خلّفها الانهيار سابقاً. غير أن ثمة ما يثير القلق في «الحدث المرتقب» لناحية تأثيراته المحتملة على الجهة الجنوبية التي لا تزال ثابتة حتى اللحظة، بحسب الوزير ياسين، لناحية أن الصوامع الأربع المتوقع سقوطها هي الأقرب إلى الصوامع الموجودة في الجهة الجنوبية، ويفصل بينها وبين الجنوبية ممرّ من بضعة أمتار.
وفي هذا السياق، يورد أبيض سيناريويْن للسقوط: أوّلهما هو احتمال سقوط الصوامع في الحفرة من دون التأثير على أساسات الجهة الجنوبية، وعندها «يمكن أن نقوم بسحب القمح المتبقّي في إحدى صوامع تلك الجهة، وهو نحو 2000 طن، ومعالجتها بسهولة». أما الثاني، فهو احتمال أن يؤثر سقوط هذه الصوامع على أساسات الجهة الجنوبية «وهناك تكمن المشكلة، لناحية ما يمكن أن تحدثه من خلل وتفكّك قد تنتج عنهما انهيارات». وإن كان أبيض أقرب إلى السيناريو الأول، مستنداً إلى ما تظهره المتابعات لصوامع الجهة الشمالية، إلا أن «لا أحد حتى اللحظة يمكن أن يقدّر مسألة التأثير على الجهة الجنوبية».
وليس بعيداً عن المتابعات اليومية لوضع المبنى، يدور نقاش جدّي اليوم حول ما يمكن أن يكون عليه مصير الجهة الجنوبية لمبنى الأهراءات، خصوصاً في حال بقائها ثابتة. ووفق ياسين، يتم التداول جدياً حول «إمكانية الإبقاء على تلك الجهة لتخلّد ذكرى الرابع من آب»، إلا أن ذلك مرتبط بما يمكن أن «تقرّره» الجهة الشمالية.