كتبت تالا غمراوي في “أساس ميديا”:
لم ينتهِ العالم بعد من آثار جائحة كورونا، وجدري القرود، وماربورغ، حتى ظهر “فيروس لانجيا هينيبا”، الذي أصيب به نحو 35 شخصاً في الصين، وأدّى إلى إطلاق الإنذار في تايوان المجاورة التي صنفته كأحد الأمراض المحتملة.
ما يبعث على القلق هو أن الصين صارت تبدو وكأنها “بؤرة فيروسات”. فقد إكتشف باحثون صينيون وقبل نحو عقدٍ من الآن سلالة فيروس “لانجيا هينيبا”، وتسمّى علمياً Mojiang paramyxovirus((MojV. الإكتشاف حصل حين تمّ العثور على فئران في منجم مهجور للنحاس في مقاطعة يونان ومصابة بالفيروس. وقد أُصيب آنذاك ثلاثة من عمال يعملون في من المنجم بالتهاب رئويّ حادّ، وماتوا قبل وصول العلماء إلى مكان الحادث، وعلى الرغم من ذلك لم يتمّ تأكيد أيّ صلة مباشرة بالفيروس المكتشف.
وإذا كان الجو الدعائي يحيل على الصين صفة “بؤرة الفيروسات”، فإن ما يدحض شيئاً منه هو أن هذا الفيروس يتناسل من آخر ظهر عام 1999 وأكتشف للمرة الأولى في ماليزيا وسنغافورة وصنف بمسمى “نيباه”.
ما هو هذا الفيروس؟
يُعرّف رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت البروفيسور غسان دبيبو، في حديث إلى “أساس”، فيروس “لانجيا هينيبا” بأنّه ينتمي إلى عائلة Paramyxoviridae من فيروسات الـ “RNA”،وهو من سلالة فيروس نيباه، الذي اكتُشف أوّل مرّة في ماليزيا وسنغافورة عام 1999، عندما توفي 100 شخص من مجموع 300 أصيبوا به.
علمياً، وبحسب البروفيسور دبيبو، فإن “المرض فتاك ومميت”. ويأتي ظهوره فيما لا يزال مسؤولو الصحة العامة في جميع أنحاء العالم يتعاملون مع جائحة كورونا التي أودت بحياة أكثر من 6.4 ملايين شخص.
ينقسم هذا الفيروس إلى نوعين من الفيروسات
يُصنّف فيروس “هينيبا” على أنه مرض حيواني المنشأ، يمكن أن ينتقل إلى الحيوانات الأليفة والبشر على حدّ سواء ويتسبّب في الوفاة. وهو نتاج نوعين من الفيروسات هما: فيروس هيندرا وفيروس نيباه، (في الأصل كلمة هينيبا: henipa هي اختصار لاسمَيْ هذين الفيروسين)، حيث ينبه دبيبو من “قدرة الفيروس على التغيّر والتحول ويتراوح قطره ما بين 40 إلى 600 نانومتر”.
السيء في “فيروس هينيبا” هو إكتشافه والإعلان عنه بالتزامن مع ظهور العديد من الفيروسات الحيوانية المنشأ الأخرى خلال العقود الأخيرة. ففيروس كـ “السارس المُكَلَّل” (SARS coronavirus)، وفيروس “مينانغل” ومعهما فيروسا “إيبولا وماربورغ” يتشابهون “في الإستمرارية” والإنتقال إلى ما يُسمى علمياً، “مستضيف” المقصود به الخفافيش لتُشكل مجتمعةً خطراً لنقل العدوى إلى الإنسان.
ارتبط ظهور كلّ من هذه الفيروسات بزيادة الاتصال بين البشر والخفافيش، وبين الأخيرة وحيوانات أخرى قريبة من الإنسان تشكِّل في العادة مضيفاً وسيطاً بينها وبين البشر، وسبب زيادة الاتصال يعود إلى توسع الإنتشار البشري على في مناطق طبيعية تعيش فيها الخفافيش (وفي حالة فيروس نيباه، من خلال مزارع الخنازير).
أعراض الفيروس
وإذ يشير دبيبو إلى أنّ هذا الفيروس يسبب عوارض شبيهة بفيروس كورونا، ولم يتم التثبت علمياً حتى الآن “من انتقال الفيروس من إنسان إلى آخر”. قام العلماء بتسلسل جينوم للفيروس المكتشف، فتبيّن أنّه من فيروسات هنيبا التي تندرج ضمن فئة من فيروسات “آر إن إيه”.
وإذ يشير دبيبو على أنه لم يتم التثبت علمياً حتى الآن “من انتقال الفيروس من إنسان إلى آخر”، فإنه ينبه إلى أنه “من المتوقّع أن يكتمل تسلسل الجينوم للفيروس المكتشف خلال أيام قليلة، وأهمّ الأعراض الشائعة هي: ارتفاع في درجات الحرارة، إرهاق عامّ مصحوب بسعالٍ، فقدان للشهيّة، وانخفاض في عدد خلايا الدم البيضاء”. والتحذير الأهم هو في أن “أكثر من ثلث المرضى يعانون من فشل الكبد، و8 يعانون من الفشل الكلوي”.
أظهرت الاختبارات التي أُجريت على الحيوانات في المناطق المصابة ، وبحسب دراسات باحثين يستند إليها دبيبو، “إصابة 5% من الكلاب، و2% من الماعز، وقد يكون الذباب الناقل الرئيسي للفيروس، حيث تمّ اختبار 27%من الحالات الإيجابية”. وعلى الرغم من التقدم في مجال الأبحاث فإنه. و”لم يُعتمد حتى الآن لقاح للبشر لمكافحة هذا الفيروس، لكن يتمّ اختبار ثمانية لقاحات على الأقلّ على الحيوانات، بما في ذلك واحد من إنتاج جامعة أكسفورد”.
من جهتها، أكّدت مصادر مختصة بالأمراض الجرثومية في وزارة الصحة لـ”أساس” أنّ “الوزارة تتّخذ كلّ الاحتياطات كما تفعل عادةً مع أيّ فيروس ينتشر في العالم تفادياً لوصوله وللحدّ من انتشاره كما حصل مع فيروس جدري القرود”.
وكان نائب مدير مراكز السيطرة على الأمراض (CDC) في تايوان تشوانغ جين هسيانغ أعلن في وقت سابق “أن المعامل التايوانية ستحتاج إلى وضع إجراءات اختبار موحّدة لتحديد فيروس لانيا هينيبا ورمزه الطبي(LayV) “.