Site icon IMLebanon

“رسائل دموية” تُهدّد معارضين لـ”الحزب”

جاء في “الشرق الأوسط”:

مرة جديدة يتعرض معارضون لـ«حزب الله»، لا سيما في أوساط الطائفة الشيعية، لضغوط وتهديدات وصلت إلى حد هدر دمهم، وذلك على خلفية مواقف مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بـ«حزب الله»، وهو ما حصل أخيراً مع الإعلامية ديما صادق، والمصور الصحافي حسن شعبان، ما استدعى ردود فعل رافضة ومستنكرة.

وتتعرض صادق منذ صباح يوم السبت لحملة «تحريض وتهديد بالقتل وهدر الدم والاغتصاب» على مواقع التواصل الاجتماعي، إثر نشرها تغريدة على «تويتر» لصورة تجمع الجنرال الإيراني المقتول قاسم سليماني والمرشد الإيراني الأول آية الله الخميني مع تعليق «آيات شيطانية»، على خلفية محاولة القتل التي تعرض لها الكاتب سلمان رشدي في ولاية نيويورك. وأعلنت صادق عن هذا التهديد متهمة جواد نصرالله، نجل أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله، بالمسؤولية عن الحملة ضدها. وكتبت على حسابها في «تويتر»: «أتعرض لحملة تحريض وصلت لحد المطالبة علناً بهدر الدم، في حملة أطلقها جواد حسن نصرالله، وعليه أرجو اعتبار هذه التغريدة بمثابة إخبار للسلطات اللبنانية، كما أنني أحمل علناً ورسمياً قيادة (حزب الله) المسؤولية الكاملة لأي مكروه قد يقع علي من الآن وصاعداً».

في موازاة ذلك، يتعرض المصور الصحافي حسن شعبان، منذ أيام، لحملة تحريض وضغوط وصلت إلى حد ضربه قبل أن تتجاوزها إلى التهديد بالقتل عبر وسائل عدة، وذلك على خلفية تصويره قبل حوالي أسبوع تحركاً قام به أهالي بلدته بيت ياحون في جنوب لبنان احتجاجاً على انقطاع المياه فيها، معلناً أن الشبان الذين تعرضوا له بالضرب تابعون لـ«حزب الله».

وعلى أثر ذلك، أعلن شعبان عبر حسابه على «فيسبوك»، أنه وجد رصاصة على سيارته، في إشارة واضحة إلى التهديد بالقتل، ليعود ويعلن قبل يومين عن تعرضه لتهديد جديد ودعوته للخروج من قريته بزعم أنه «عميل». وتم تمزيق إطارات سيارة شعبان، وتركت ورقة عليها تضمنت عبارة: «فل (اخرج) من الضيعة يا عميل… يا كلب». وقال المصور الصحافي إنه سيقدم دعوى ضد مجهول.

وتتحدث المديرة التنفيذية لمؤسسة «مهارات» في لبنان رلى مخايل، عن «خطاب الكراهية ومؤشراته التي تتضاعف يوماً بعد يوم في لبنان»، محذرة من زيادة العنف والإقصاء إذا لم تتم مواجهته بشكل جماعي. وتقول مخايل لـ«الشرق الأوسط»، «كل ما يتعرض له الإعلاميون والناشطون في المرحلة الأخيرة يصب في الإطار العام، الذي بدأت تطغى عليه محاولات تقليص مساحة حرية الرأي والتعبير، ومواجهة أي فكر أو رأي مخالف إلى درجة إهدار الدم من قبل مسؤولين سياسيين ومدنيين ودينيين، إضافة إلى الفضاء العام، حيث الجيوش الإلكترونية المعروفة التوجهات والانتماءات تقود حملات ضد من يخالفها الرأي». وتتوقف مخايل، في المقابل، عند «أصحاب الرأي المعارضين»، وتشير إلى «مقاومتهم لكل هذه الضغوط والرسائل الدموية بالإصرار على حرية التعبير، والتمسك بمواجهة الكلمة بالكلمة، وليس بالقتل أو التحريض على القتل».

وفيما تذكر مخايل بأهمية «الحفاظ على نظامنا القائم على التعددية»، تشدد على أن «ما يحصل يضرب أسس الدستور اللبناني»، لافتة إلى أن هوية الجهة التي تقود حملات التحريض في معظم الأحيان في لبنان «معروفة»، وهو ما يبدو واضحاً في حالتي شعبان وصادق اللذين أعلنا صراحة أنهما تعرضا للتهديد من قبل «حزب الله». وتقول: «الوقائع واضحة وهوية الجهات التي توجه الرسائل واضحة أيضاً»، مذكرة باغتيال لقمان سليم، الباحث المعارض لـ«حزب الله»، العام الماضي، بعد تعرضه لحملة ضغوط على خلفية آرائه السياسية، وذلك في منطقة معروفة من هي الجهة التي تسيطر عليها، في إشارة إلى منطقة في ضواحي بيروت يسيطر عليها «حزب الله».

ولاقت هذه التهديدات ردود فعل رافضة على وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان، فيما دعت جهات عدة لملاحقة المعتدين. وأعلنت النائبة حليمة قعقور، تضامنها مع شعبان، وكتبت على حسابها على «تويتر»، قائلة: «أتضامن مع المصور الصحافي حسن شعبان، في وجه رسائل الترهيب، في ظل الثقافة القمعية لحزب الله، والموجهة ضد مواطنات ومواطنين يعتَبرهم هو (من بيئته)، فيخشى صوتهم ويرهب من ينقله».

وفي بيان لها، نددت جمعية «إعلاميون من أجل الحرية» بـ«التهديدات السافرة بالقتل التي تتعرض لها الإعلامية ديما صادق، عبر وسائل التواصل»، واعتبرت أن هذه التهديدات «تشكل إخباراً للقضاء، يستوجب التحرك السريع وتطبيق القانون»، محملة المسؤولية عن أي أذى قد يصيب صادق إلى «كل من تهاون عن اتخاذ الإجراءات المطلوب لحماية أمن وحرية الإعلاميين والناشطين».

من جهتها، أكدت «نقابة الصحافة البديلة»، وهي تجمع لصحافيين من خارج نقابة المحررين، في بيان لها، «أن الكلمة تواجه بالمنطق والحجة، لا بالقتل، وأن حملات التحريض بسبب التعبير عن الرأي قد بلغت مراحل خطيرة لا يمكن التغاضي عنها، لذا نطالب الأجهزة الأمنية التي تسارع عادة لحماية صورة السياسيين عبر مواقع التواصل، بالتحرك لحماية مواطنيها والصحافيين». وحملت بشكل مباشر «حزب الله» المسؤولية عن التهديدات ضد صادق كون موالين له أقدموا على توجيهها مباشرة.

ويحذر الباحث والأستاذ الجامعي مكرم رباح، من أن تكون هذه التهديدات تمهد لاغتيالات سياسية جديدة. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «الاغتيال والتهديد ثقافة رائجة وأساسية في بيئة حزب الله والهجوم الذي تتعرض له ديما صادق هو هجوم من جيش إلكتروني تابع لحزب الله، ويتعرض لكرامات الناس، خصوصاً أن موقفها سياسي، وليس شخصياً، وتحويله على أنه ضد دين أو مذهب معين هو كذب وهرطقة…». ويرى أن «ما يحصل الآن هو تحضير أرضية معينة لاغتيالات سياسية جسدية، وهي الآن في المرحلة المعنوية، علماً بأن تعرض كل الناشطين منهم شعبان وصادق وأي شخص يتجرأ على أن يعبر عن رأيه على وسائل التواصل، خير دليل على أن حزب الله رغم كل جبروته لا يستطيع أن يسكت الرأي الحر».