كتب عمر البردان في “اللواء”:
ليس محسوماً بعد، ما إذا كان الاجتماع الآخر الذي سيعقده رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي مع رئيس الجمهورية ميشال عون في الساعات المقبلة، كفيلاً بتقريب وجهات النظر بينهما، في ضوء اللقاء الذي عقداه، أمس، في القصر الجمهوري، حيث تم استكمال البحث في الملف الحكومي، دون بروز معطيات توحي بإمكانية تصاعد الدخان الأبيض في الأيام المقبلة، إلا إذا حصل تغيير جوهري في المواقف، ما قد يفضي إلى ولادة الحكومة قبل المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، مطلع أيلول المقبل.
وإذا كان اجتماع بعبدا كسر الجليد بين عون وميقاتي، فإنه لم يحدث خرقاً في الجدار على صعيد عملية التأليف، بحيث بقيت المواقف على حالها، والأهم من كل ذلك، أنه لا يبدو أن لدى الرجلين ما يشجعهما على المضي بعملية التأليف، لضيق الوقت المتبقي، لدخول البلاد في مهلة الاستحقاق الرئاسي، إلا في حال حصول تنازلات جدية من الطرفين. وأمكن في اللقاء الجديد المرتقب، تجاوز العقبات التي تعترض التأليف، ما قد يسمح بحصول الولادة في وقت قريب.
وفي المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، أنه في حال سارت الأمور بشكل إيجابي فإن تعديلاً بسيطاً سيطرأ على التشكيلة التي سبق وقدمها الرئيس ميقاتي للرئيس عون، لناحية توافقهما على خروج الوزيرين عصام شرف الدين وأمين سلام منها. وأشارت المعلومات، إلى أن المخاوف من حصول فراغ في موقع الرئاسة الأولى، هو الذي سرَّع الاتصالات بين المعنيين، لبت الملف الحكومي، باعتبار أنه لا بد من وجود حكومة أصيلة تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية، في حال لم تجرِ انتخابات رئاسة الجمهورية في موعدها الدستوري، وهو احتمال وارد بقوة. كذلك فإن المجتمع الدولي الذي يطالب بإجراء الانتخابات الرئاسية، يرى أنه من الأفضل أن تكون هناك حكومة أصيلة، إذا ما تعذر انتخاب رئيس للجمهورية.
وأكدت مصادر نيابية بارزة في كتلة «الجمهورية اللبنانية»، أن «لبنان دخل بقوة في مدار الاستحقاق الرئاسي، ولا بد من تضافر كل جهود المعارضة، لانتخاب رئيس يتحدى فعلاً «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، في رفض مشروعهم الذي أخذ لبنان إلى جهنم، ويعمل على استعادة تحصين سيادة البلد، وتعزيز الثقة بالعالم العربي والمجتمع الدولي». وتحت هذا العنوان، يتوقع أن تشهد الأيام المقبلة لقاءات نيابية بين القوى السيادية والاستقلالية، ومن بينها حزب «القوات اللبنانية» الذي حدد رئيسه سمير جعجع رؤيته بوضوح لهذا الاستحقاق، من خلال الشروط التي وضعها، لاختيار مرشح «التحدي» للرئاسة الأولى. وقد كان الاستحقاق الرئاسي في صلب اللقاء الذي جمع، رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، بعضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور، سيما وأنه يأتي بعد الاجتماع الذي جمع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، بوفد من «حزب الله»، حيث جرى التطرق إلى مختلف القضايا الداخلية، وفي مقدمها الموضوع الرئاسي.
وأشارت المعلومات، إلى أن أبو فاعور أطلع الجميل على أجواء اجتماع «كليمنصوه»، وأنه أكد ثبات «الاشتراكي» على مواقفه من الملفات الأساسية، وتحديداً ما يتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية، وفي ضرورة السعي لانتخاب رئيس لا يمثل تحدياً لأي فريق من اللبنانيين، والأهم أن يكون قادراً على إعادة إصلاح علاقات لبنان العربية، والخليجية بشكل خاص، وتعزيز الثقة مع المجتمع الدولي والدول المانحة. لأن النائب السابق وليد جنبلاط يولي أهمية كبيرة لضرورة أن يكون الرئيس الجديد، على أفضل وأمتن العلاقات مع الدول الخليجية، وخاصة المملكة العربية السعودية، حيث يتحمل العهد الحالي برأي جنبلاط، مسؤولية أساسية في تخريب علاقات لبنان بأشقائه الخليجيين. بالنظر إلى الإساءات التي نالت القيادة السعودية من حلفاء العهد.
وتكشف أوساط نيابية لـ«اللواء»، أن النقاشات الأولية التي جرت على جبهة المعارضة بشأن الانتخابات الرئاسية، أظهرت اختلافات في وجهات النظر بين المكونات النيابية، بشأن إمكانية التوافق على مرشح موحد للانتخابات الرئاسية، حيث لكل طرف حساباته التي تختلف عن حسابات الآخر، ما يجعل الأمور على درجة كبيرة من الصعوبة في إمكانية توحيد موقف المعارضين. ولهذا السبب يبدو أن الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية سيكون الناخب الأكبر، ما لم يدرك المعارضون دقة الظروف السياسية الضاغطة، ويبادروا إلى توحيد جهودهم من أجل التوافق، على مرشح للرئاسة يواجهون به «حزب الله» وحلفائه، حيث تشير المعلومات إلى أن هذا الفريق يميل إلى تأييد ترشيح الوزير السابق فرنجية إذا لم يتم التوافق على مرشح تسوية.