IMLebanon

السيّد يلتفّ على برّي: إعدام اتّفاق الإطار؟

كتب ابراهيم ريحان في موقع “أساس”:

مُحاولة لقطف ثمار الترسيم، والتنصّل من اتفاق الإطار الذي أبرمه الرّئيس نبيه برّي مع الأميركيين. هذا ما يُستخلص من كلام الأمين العامّ لحزب الله السّيّد حسن نصرالله مساء الإثنين.

قبل سنة ونيّف، لم يكن نصرالله يعتبر نفسه معنيّاً بملفّ الترسيم، بل كان يُعلن صراحة أنّ حزب الله لديه نظرته الأيديولوجيّة لمسألة الحدود، وخصوصاً مع الكيان الإسرائيلي، وأنّه يقف “خلف الدولة” في هذا الملفّ.

اختلفَ الوضع اليوم. يكثر الكلام عن قُرب إنجاز ملفّ ترسيم الحدود البحريّة، ومعه قطف الثّمار النّفطيّة والثّروة المكنونة في مياه لبنان، وخصوصاً في بلوكات الجنوب 8 و9 و10، قطفها معنوياً وسياسياً، قبل سنوات من بدء القطاف الماليّ والاقتصادي.

ببساطة، لن يتركَ نصرالله هذه الفرصة لحمل الملفّ على عاتقه، مُتجاوزاً كلّ ما قاله عن المسألة الأيديولوجيّة، إذ يجدها فرصة يضربُ بها عصفورَيْن بحجرٍ واحد.

أوّل هذين العصفوريْن هي محاولة استعادة “شرعيّة” سلاح حزب الله.

يُدرك الأمين العامّ لحزب الله أنّ شرعيّة سلاح حزب الله سقطت منذ اللحظة الأولى لأحداث السّابع من أيّار 2008، وبعدها في خليّتَيْ حزب الله في مصر والكويت، ويومَ عَبَر الحدود للمشاركة في أتون الحرب السّوريّة، وسقطَ السّقطة الكبرى يومَ صارَ هذا السّلاح موجّهاً إلى صدور العرب في المملكة العربيّة السّعوديّة ودولة الإمارات والشّرعيّة اليمنيّة.

ربّما وجدَ نصرالله ضالّته في الحدود البحريّة، فبعدما كان قراره قبل شهريْن أنّه “خلفَ الدّولة اللبنانيّة في الترسيم”، حلّقت مسيَّراته أمامها نحوَ حقل كاريش بعدما أبلغت الحكومة ورئاسة الجمهوريّة الوسيط الأميركي آموس هوكستين أنّ خطّ لبنان هو الـ23، أي الذي لا يضمّ حقل كاريش.

مسيَّرات اللحظة الأخيرة

اختار “السّيّد” لحظة قرب الاتفاق ليقول للّبنانيّين إنّ السّلاح هو الذي أنجزَ الترسيم. وإذاً هو المسؤول عن كلّ فلسٍ قد يدخل إلى جيوب اللبنانيين ولو بعد سنوات طوال. وهكذا يُريدُ رسمَ لوحةٍ جديدة لسلاح حزبه تحت عنوان “حماية جيوب اللبنانيين”، بعدما كان العنوان “حماية الحدود” و”حماية نسائكم من السّبْي” في عنوان الدخول إلى الحرب السورية، وغيرها من “الحمايات”.

ثاني العصفورَيْن هو سحبُ الإنجاز الدّبلوماسيّ الذي قامَ به رئيس مجلس النّوّاب نبيه برّي طوال 10 أعوام من عمر التفاوض غير المُباشر بين لبنان وإسرائيل. يظهر هذا جليّاً في خطابِ نصرالله الأخير، وفي خطابه قبل شهريْن في العاشر من حزيران 2022.

في خطاب حزيران، كان الأمين العامّ لحزب الله يضرب ركيزةً من ركائز “اتفاق الإطار” الذي ينصّ على تلازم مسارَيْ ترسيم الحدود في البرّ والبحر. أغلَقَ نصرالله الباب على أيّ كلامٍ عن ترسيم الحدود البرّيّة بقوله: “لبنان لم يكن ‏لديه مشكلة ترسيم حدود برّية، الحدود البرّية مرسّمة… هو يستند إلى قرار دولي صادر عن المجتمع الدولي، عن ‏مجلس الأمن، عن الأمم المتحدة ، بتاريخ 11 آذار 1978”.

في خطاب الإثنين، وبعد سردٍ لِما سمّاه “شراكة حزب الله وحركة أمل، والاعتراف بدور الحركة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي”، عادَ نصرالله ليُطلِقَ رصاصةً نحو اتفاق الإطار، لا تقلّ أهميّةً عن رصاصة خطاب حزيران.

هذه الرّصاصة كان نصرالله يُطلقها تحت سرديّة “التكليف الإلهي”، عندما أعادَ نفض الغبار عن المسألة الأهمّ في “الترسيم البرّيّ: مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشّماليّ من بلدة الغجر”.