IMLebanon

ترسيم الحدود يتأرجح بين مهابة الاتفاق… ومخاوف الحرب

في لغة السياسة والديبلوماسية الكلام ورديٌ عن ترسيم الحدود، والوصول إلى الاتفاق وتوقيعه. كل المواقف في الداخل والخارج تشير إلى أن الاتفاق واقع وينتظر التوقيت. لكن ما تحت المعلن، هناك الكثير من الشغب، لا سيما على الجانب الاسرائيلي الذي دخل في مدار الانتخابات، وما يعنيه هذا الاستحقاق من حاجة إلى المزايدات. مزايدات تدفع إلى تسريبات كثيرة متناقضة ومتضاربة. بعضها يقول أن الاتفاق سيحصل، وبعضها الآخر يعتبر أن لا بديل عن الحرب، ولا بد من الجهوزية للمواجهة.

تدفع المزايدة الإسرائيلية إلى تقديمها فكرة البدء باستخراج الغاز من حقل كاريش في شهر أيلول، وبعدها يحصل اتفاق الترسيم. الهدف من ذلك باعثه المزايدات، كي لا تبدو إسرائيل، وتحديدًا حكومة يائير لابيد، قد رضخت لضغوط حزب الله، الذي لم يسمح بالاستخراج قبل إنجاز اتفاق الترسيم والسماح للبنان بالبدء بعمليات التنقيب.

حزب الله يرى هذه القراءة الإسرائيلية خاطئة جدًا، وتنطوي على سوء تقدير. فالحزب عينه لن يسكت عن ذلك، ولا يزال على موقفه، ولو قاده إلى خوض حرب يطلق عليها حرب تحرير البحر، كما خاض من قبل حرب تحرير البر في الجنوب، وحرب تحرير الجرود في البقاع.

لم يعد من المجدي الحديث في تفاصيل الاتفاق والمقترح الذي سيقدمه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين. بغض النظر عن ما سيقترحه مجددًا من تعديلات تتعلق مثلًا بالخطّ 23 كاملًا أو بنقطة b1، فهذه كلها غدت للجميع تفاصيل، لأن لا بد من الوصول إلى نقطة أساسية: إما حصول الاتفاق أو عدم حصوله. سوى ذلك الطروحات كلها نوع من تمييع الوقت وإضاعته والاستثمار فيه.

الآلية نفسها تحكم مسار التفاوض الإيراني- الأميركي على أبواب الانتخابات النصفية، التي يريد جو بايدن تعزيز وضعه فيها من خلال الاتفاق مع إيران، وانعكاسه إيجابًا على سوق الطاقة. لكن في المقابل يريد بايدن إظهار نفسه بأنه يتصدى لطهران وميليشياتها. لذا أقدم على توجيه ضربات لها في شرق سوريا.

الآلية نفسها المعلنة عن أجواء إيجابية تحيط بالملف النووي، تحيط بملف ترسيم الحدود. ولكن ليس من شيء ملموس حتى الآن. طبعًا يهتم الإسرائيليون بالتفاصيل، وكذلك حزب الله، لأن أي تفصيل أبعاده متعددة. لكن هذا يستخدم في سياق تقاذف الكرة، ورفض الطرفين تلقيها. فالجانبان محكومان بالاتفاق، وفي الوقت نفسه بصيغة التصعيد اليومي الدائم وبالتهديدات المتبادلة، التي لا بد منها للاستثمار فيها داخليًا وخارجيًا، ولفرض أمر واقع في المنطقة.

العودة إلى لغة الديبلوماسيين يبدو أن ثمة إجماعاً على حصول اتفاق الترسيم. هم يكثرون من التفاؤل، لكن ثمة من يبقي في حسابه احتمال تصعيد متوقع وغير متوقع في آن.

ويعتبر هؤلاء أن الأمور قد تتدرحج فجأة وسريعًا. بل يذهبون أكثر: البحث في كيفية إجراء عمليات الإجلاء في حال اندلاع المواجهة أو الحرب.