كتب خالد البوّاب في “أساس ميديا”:
على الرغم من المظهر التصعيدي في كلام الأمين العامّ لحزب الله السيّد حسن نصر الله، إلا أنّ الرجل قدّم في مضامين مواقفه وطروحاته ثلاثة مقترحات تحتوي على مقوّمات تسوية دستورية مستحيلة. بمعزل عن التمسّك بمعادلة الردع أو التصعيد العسكري واستعادة التهديدات التي أطلقها باتجاه العدوّ الإسرائيلي، فإنّ مضمون الكلام انطوى على استعداد الحزب لبحث التسويات المرتقبة. طبعاً أي تسوية من منظوره يُفترض أن تكون في مصلحته وتعود عليه بالمكاسب السياسية أو حتى الدستورية.
ينطوي المقترح الأوّل الذي تضمّنه كلام نصر الله الإصرار على المضيّ في المساعي للوصول إلى حلّ لملفّ ترسيم الحدود. فبغضّ النظر عن التهديدات، كان الرجل واضحاً في أنّه إذا تمّ عقد اتفاق يضمن حقوق لبنان ومطالبه، بالإضافة إلى منحه فرصة البدء بعمليات التنقيب عن النفط، فإنّ ذلك سيفتح المجال أمام التهدئة الحدودية، وسيعني بدء مراحل دخول لبنان نادي الدول النفطية.
في ظلّ هذا الموقف أبقى حزب الله معادلتَيْ الردع والاحتفاظ بسلاحه قائمتين أوّلاً لحماية مراحل التنقيب والتصدير فيما بعد من جهة، وثانياً لربط الترسيم البحري بالترسيم البرّي من جهة ثانية، ولذلك أعاد تجديد موقفه المتعلّق بتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر، وهو بذلك يقول إنّه جاهز للتسوية، لكن ليس لتعطيل مفاعيل السلاح.
أمّا المقترح الثاني فهو مخصّص لملفّ السلاح، وينطوي على استعداد الحزب لبحث صيغة تسوية بشرط أن تكون مقرونة بتعديلات دستورية في المرحلة المقبلة تحفظ دور الحزب وموقعه ومساهمته في حماية لبنان وحدوده وثرواته.
الحزب والاستراتيجية الدفاعية
جاء هذا المقترح على لسان نصر الله بصيغة الاستعداد لبحث الاستراتيجية الدفاعية التي قرنها أيضاً بالحاجة إلى تطوير النظام والوصول إلى تعديل الدستور. لا يمكن لحزب الله أن يذهب إلى بحث الاستراتيجية الدفاعية بدون البحث في الحصّة التي سينالها حزب الله أو الشيعيّة السياسية في صلب النظام السياسي والدستوري، ولذلك كان واضحاً عندما أعلن الاستعداد للانخراط أكثر في لعبة الدولة وتركيبتها ومواقعها.
ويتقاطع كلام نصر الله هذا مع كلام سمعه دبلوماسيون غربيون من وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان الذي قال بشكل واضح عندما تمّ بحث الملف اللبناني معه إنّه لا بدّ من استفادة الدولة اللبنانية من قوّة حزب الله وقدراته السياسية والشعبية والعسكرية.
تضمّن المقترح الثالث إبداء الاستعداد لتسوية داخلية بمعايير إقليمية، وجاء ذلك في إعلان الرجل الاستعداد لإجراء مصالحة لبنانية مع دول الخليج، بشرط أن لا يكون لبنان تابعاً للدول الخليجية. يعكس هذا الموقف محاكاة حزب الله للتهدئة الخليجية ـ الإيرانية، ومحاولته مواكبة تطوّرات العلاقة بين الطرفين، وكأنّ الرجل يتقدّم بطرح مبكر يتّصل بإعادة التوازن بين النفوذين الإيراني والخليجي على الساحة اللبنانية، ولا سيّما أن لا أحد في لبنان سيكون قادراً على تحمّل تبعات الانهيار، وحزب الله سيكون من أكثر المصابين والمتضرّرين لأنّه هو من لديه مكتسبات يخسرها بخلاف كلّ القوى الأخرى التي لم تعد تتمتّع بأيّ مقوّم من مقوّمات الربح.