كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
يتحصّن كل رئيس جمهورية بولايته الدستورية ولا يقبل بالرحيل قبل انتهاء الولاية الأصلية، في حين أن استقالة الرئيس بشارة الخوري أتت في الولاية المجدّدة وليس في أول 6 سنوات من عهده.
منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية كانت هناك معارضة للعهد، لكن هذه المعارضة اشتدّت بعد انتفاضة 17 تشرين خصوصاً وأن تصرفات صهره رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل زادت من منسوب النفور من حكم عون.
لكن في ظلّ الأكثرية التي يتحكّم فيها «حزب الله» كان من المغامرة المطالبة بـ «تطييره» لأن «الحزب» قادر على فرض رئيس لستّ سنوات جديدة بمواصفات عون ما يعني تمديد الأزمة.
وأمام كل ما مرّت به البلاد من إنهيارات وأزمات مرشّحة للتفاقم، فإن الأولوية تبقى لإجراء الإستحقاقات الدستورية في موعدها، وأهم تلك الإستحقاقات إنتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وتعود الذاكرة باللبنانيين عند ذكر اسم ميشال عون إلى حقبة استلامه الحكومة العسكرية العام 1988، فبعد أن وُقّع «إتفاق الطائف» رفض عون تسليم الحكم إلى رئيس الجمهورية المنتخب رينيه معوض، ومن ثمّ إلى الرئيس الياس الهراوي بعد استشهاد معوض، لذلك فإنه منذ اللحظة الأولى لانتخاب عون قال من عايش تلك المرحلة أن عون لن يترك القصر الجمهوري.
وفي السياق، فإن كثرة التسريبات خصوصاً من الدائرة المحيطة بباسيل عن إمكانية عدم ترك عون القصر، تأتي في سياق تأجيج الضغط على بقية الأفرقاء وعلى الحلفاء قبل الخصوم.
ويحاول باسيل إبتزاز «حزب الله» في هذه المسألة أولاً، لأن بقاء عون بعد انتهاء ولايته هو تشريع للفوضى وللتدخلات الإقليمية والدولية، وهذا الأمر لا يريده «الحزب» لأنه يعتبر أن استقرار لبنان حالياً أساسي لإبقاء قبضته على الحكم وإلا فسيكون محرجاً. فمن جهة لا يمكنه تغطية تمرّد عون، ومن جهة ثانية هو ما زال بحاجة إلى الغطاء المسيحي الذي يؤمنه عون و»التيار الوطني الحرّ»، لذلك يحاول باسيل أن يكسب تأييد «الحزب» رئاسياً.
وإذا كان بقاء عون في بعبدا رسالة بوجه الخصوم، إلا أن المعارضة ستستخدم هذه الورقة ضدّه وقد تلجأ إلى تحريك الشارع، لذلك تستبعد قوى أساسية في المعارضة أن يذهب عون باتجاه التمرد، وذلك لأن الداخل بأغلبيته ضدّه ولا يحظى بغطاء خارجي من أجل القيام بهذا الأمر غير الدستوري.
لكن بعض اوساط المعارضة ترى أن من أبرز خصـوم عـون الرئيس نبيـه بري ورئيـس تيار «المرده» سليمان فرنجية وهما في محور «الممانعة»، وبالتالي فإن هذا الأمر قد يسرّع التسوية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وفق معايير مقبولة لا تشكل صورة مستنسخة عن عون، كما أن الدول الفاعلة لن تقبل بأي انقلاب على الدستور وبحالة تمرد جديدة في بعبدا.
لا أحد يرغب ببقاء عون ولو دقيقة واحدة في القصر، وبالتالي فإن التسريبات التي تتحدّث عن نيته في البقاء، وأنه لن يسلّم البلاد إلى الفراغ أو إلى حكومة تصريف أعمال، من شأنها أن يحث الجميع على انتخاب رئيس سريعاً وإلا الفوضى آتية لا محالَ.