كتب ميشال أبو نجم في “الشرق الأوسط”:
بعد الرئيس إيمانويل ماكرون، جاء أمس دور وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا لإلقاء خطابها أمام سفراء فرنسا عبر العالم في اجتماعهم السنوي بعد انقطاع عامين بسبب وباء كوفيد-19. وكما فعل ماكرون، جالت كولونا على الملفات الإقليمية الساخنة ومنها ملفات الشرق الأوسط بحيث تطرقت إلى الملف النووي الإيراني والعراق وسوريا والنزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي وأيضا لبنان الذي يحظى وضعه بمتابعة خاصة من باريس.
وكان لافتا في كلمتي ماكرون وكولونا أن أيا منهما لم يتناول المسألة الرئيسية التي تشغل الطبقة السياسية والشعب اللبناني ألا وهي ملف الانتخابات الرئاسية، وذلك على ضوء قرب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون بعد أقل من شهرين. ورغم أن الموقف الفرنسي معروف وواضح وهو أن باريس تريد أن يتحاشى لبنان الفراغ المؤسساتي للسلطة التنفيذية في حال لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المهلة الدستورية أيلول وتشرين الأول بحيث تفرغ الرئاسة، فيما يكون دور الحكومة الحالية تصريف الأعمال. وحتى اليوم، لم يتمكن رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي من تشكيل الحكومة الجديدة ولا شيء يشي أن تطورا كهذا سوف يتحقق في الأيام أو الأسابيع القادمة.
الرئيس ماكرون، في تناوله للملف اللبناني الذي خبره وعايشه منذ انتخابه للمرة الأولى ربيع عام 2017 وخصوصا بعد انفجاري المرفأ حيث زاره مرتين خلال شهر واحد، ركز على ضرورة تعزيز سيادة لبنان واستقراره ودعا إلى استمرار تقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها. ولم يفت ماكرون الإشارة إلى «هشاشة» الوضع اللبناني والتحذير من «ارتدادات الأزمات الإقليمية المزعزعة» للاستقرار.
وذهبت وزيرة الخارجية صباح أمس في الاتجاه عينه إذ اعتبرت أن لبنان «يعيش أزمة اقتصادية غير مسبوقة» ونبهت أنه من غير «استفاقة المسؤولين اللبنانيين، فإن انهيار لبنان سوف يتواصل». وأكدت كولونا أنه يتعين على فرنسا «مسؤولية توفير الدعم للشعب اللبناني المنهك: وأنه يتعين على باريس «استخدام نفوذها في لبنان من أجل وضع حد للإهمال وسوء التعاطي» اللذين يعاني منهما الشعب اللبناني. بيد أن الوزيرة الفرنسية لم تذهب إلى تفصيل التدابير التي تنوي اتخاذها علما أن باريس عمدت في العامين الأخيرين إلى اتخاذ «عقوبات» بحق سياسيين وغير سياسيين لبنانيين اعتبرت أنهم يشكلون عقبة دون نهوض لبنان من كبوته ويعرقلون الحياة الديمقراطية ويمنعون تحقق الإصلاحات. ولم تكشف السلطات الفرنسية قط عن لائحة الأشخاص المعنيين بالعقوبات. وخلاصة تصريحات كولونا أن فرنسا سوف تبقى «كاملة اليقظة» إزاء التطورات التي سيشهدها المشهد اللبناني وذلك حتى يستجيب «المسؤولون لرغبة اللبنانيين بالإصلاحات والعدالة».