جاء في جريدة “الأنباء” الالكترونية:
التشحيل الذي طال بنوداً عدة في مشروع الموازنة، إضافة الى وجود بنود خلافية في متنها، سيجعل إقرارها في الجلسة التشريعية محفوفاً بالصعوبات. وفي المقابل فإن الوقت الفاصل عن حصر المجلس النيابي عمله بانتخاب رئيس للجمهورية يجعل إعادة المشروع إلى لجنة المال والموازنة تحت ضغط عامل الوقت، فضلاً عن أن المجلس يفترض أن يبدأ قبل نهاية العام بدرس مشروع موازنة العام المقبل، مع الأخذ بعين الاعتبار الضرورة الدستورية والمؤسساتية والمالية لإقرار الموازنة، إضافة إلى كونها واحدا من اهم شروط التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
النائب أحمد الخير وجّه جملة انتقادات لمشروع الموازنة، واعتبر أنه “بالنسبة لعامل الوقت كان مفترضاً ان نناقش كنواب اليوم موازنة العام ٢٠٢٣ بدلا من موازنة ٢٠٢٢ بعد مرور تسعة أشهر وبعد أن اصبحت السنة على نهايتها”. هذا في الشكل، أما في المضمون فيشير الخير في حديثه مع جريدة “الانباء” الالكترونية الى “التخفيض الملفت في عدد مواد الموازنة. فبعد ان وصل العدد الى ١٣٩ مادة تم تخفيضها الى ١٢١ مادة، وكذلك التخفيض في ارقامها. فإذا كان هناك خلل ما والأرقام ليست موضوعية فكيف يمكن التصويت على هكذا موازنة”، ويلفت الخير إلى “عدم الوضوح بما خص النفقات والواردات، وكذلك في آلية تمويل العجز”، وسأل “على أي أساس في بلد يمر بفترة ركود خطيرة ونسبة نمو سلبية بظل عدم اللجوء إلى طلب المساعدة من الخارج بسبب تخلف لبنان عن سداد ديونه وعزوف المصارف عن دفع أموال المودعين؟ وعلى أي أساس أيضا سيتم تحديد سعر الدولار الجمركي بـ ١٠ أو ١٢ أو ٢٠ ألفا؟، كذلك لم يتم التطرق الى موضوع تمويل الموازنة وضبط المنافذ الجمركية الشرعية وغير الشرعية التي يجب أن توفر مئات ملايين الدولارات”، مستغربا عدم الاشارة الى موضوع الإنفاق الاستثماري باعتباره أمرا أساسيا في مسار النمو. كما لم تلحظ الموازنة اي من الخطوات الاصلاحية وخاصة بما يتعلق بقطاع الكهرباء الذي يستنزف نصف الدين العام وكذلك بموضوع استيفاء الرسوم والضرائب. كذلك لم تلحظ كيفية اعادة الودائع لأصحابها، لكنها في المقابل ذهبت إلى تحديد فوائد عالية لتحفيز المواطنين على وضع أموالهم في المصارف من دون العمل على ترسيخ عامل الثقة معهم. إذ لا يجوز إعطاء الأخير محفزات من دون الاتفاق على خطة واضحة لإصلاح هذا القطاع.
وبالانتظار فقد أثار رفع الدعم عن المحروقات وربط سعرها بالسوق السوداء للدولار الهواجس المعيشية، لكون ارتفاع سعر المحروقات سيستتبع بالتالي ارتفاعا جديدا في أسعار معظم السلع، في وقت تقلصت القدرة الشرائية للمواطنين إلى الحدود الدنيا. ممثل نقابة موزعي المحروقات فادي ابو شقرا اشار الى ان الشركات بدأت بتسديد ثمن البنزين على سعر دولار السوق السوداء. وكشف عبر “الانباء” الالكترونية ان المشكلة تحولت من مصرف لبنان الى محطات البنزين الذين يتجه قسم منها للاقفال بسبب عدم القدرة على تأمين الدولار في ظل التفلت في سعر الصرف. وأضاف: “بالنسبة لنا كنقابة حاولنا التفاوض مع وزير الطاقة وليد فياض بالتعاون مع اتحادات النقل ومدير عام النقل لحل موضوع هذه المحطات لتأمين استمرارية العمل ومنعها من الاقفال. لكن اذا لم يحدد هامش لتحرك الدولار فهناك محطات ليس بمقدورها أن تستمر في هذا الوضع الصعب. فالمشكلة ان اسعار البنزين تتأثر بارتفاع الدولار وانخفاضه أو بسعر برميل النفط عالميا وانخفاضه”.
وأمام هذا الواقع المستفحل في الأزمات تتحول قصة هموم الناس إلى قصة ابريق الزيت، فلا الناس تنال أيا مما يطمئنها إلى مسار علاجي حقيقي، ولا الأزمات تتوقف عن التراكم، والخطر يستمر بالتفاقم، والانفجار ليس ببعيد.