Site icon IMLebanon

قرار تعيين محقّقة رديفة يواجه ألغاماً قانونية!

كتب يوسف دياب في “الشرق الأوسط”:

ينهي مجلس القضاء الأعلى، مطلع الأسبوع المقبل، الجمود الذي يلف التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت منذ تسعة أشهر، بالموافقة على تعيين القاضية سمرندا نصار، محققاً عدلياً رديفاً في هذه القضية. وأكد مصدر في مجلس القضاء الأعلى لـ«الشرق الأوسط»، أن المجلس «سيتخذ قراره بالتصويت بالأكثرية على تسمية نصار لهذه المهمة، بعد تعذر تأمين الإجماع حولها»، وعلى الرغم من أن هذا التعيين سيترك آثاراً سلبية على الملف، وعلى الواقع القضائي برمته، قال المصدر إن «وسائل الاعتراض على التعيين متاحة، لكن ضمن الأطر التي يقتضيها القانون».

وفيما تترقب الأوساط القضائية الخطوة التي سيقدم عليها القاضي طارق البيطار، فور صدور قرار التعيين، إذ تصر مصادر مقربة منه على أنه «سيتخذ الموقف المناسب حيال ما يحصل، ولن يعترف بشرعية التعيين أياً كانت النتائج»، تتحضر أطراف الدعوى لمواجهة قانونية مع القاضية نصار، ما قد يضعها أمام ألغام قانونية شبيهة بتلك التي نصبت للقاضي البيطار، وكشف محامٍ في فريق الادعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن المحامين الذين يمثلون الضحايا وذويهم «يدرسون الكثير من الخطوات الممكن اللجوء إليها، ولن يتركوا الأمور رهينة إرادة معطلي التحقيق».
وقال المحامي، الذي رفض ذكر اسمه، «عندما يصدر قرار تعيين القاضية نصار، تكتمل الصورة لدينا، وعندها نحدد أهدافنا، ومنها دعاوى الرد، وإجراءات أخرى أكثر قوة وفاعلية». وأكد أن «مقومات رد القاضية نصار متوفرة، لا سيما وأنه سبق لها أن وجهت انتقاداً لادعاءات البيطار ضد سياسيين وقادة أمنيين». وأضاف وكيل الادعاء: «فور صدور لائحة الادعاء عن القاضي البيطار في 2 تموز 2021، كتبت القاضية نصار على صفحتها على موقع تويتر، قائلة (لما بدك تصيب ما بتكبر الحجر)، وهذا يعد رأياً مسبقاً في الملف، ورفضاً لمبدأ الادعاء على السياسيين، وبالتالي لا يحق لها أن تنظر في الملف، ولا أن تبت بإخلاءات السبيل أو الدفوع الشكلية». ورأى أن «التطورات تتغير بشكل يومي، وكل تطور سنتعامل معه في وقته، ووفق ظروفها».

وتستمر المرجعيات القضائية والقانونية في رفضها لمبدأ تعيين محقق رديف، سواء بملف المرفأ أو أي دعوى أخرى، واعتبر النائب العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي، أن «اختلاق مركز قضائي جديد يحتاج إلى قانون يقره مجلس النواب وليس قراراً يصدره وزير العدل». وناشد مجلس القضاء الأعلى «العودة عن موافقته على تعيين محقق رديف، لأن القرار يخالف القانون وقواعد التحقيق، التي لا تحتمل تعيين قاضيين لملف واحد، كما أن المجلس، وإن كان يمثل رأس السلطة القضائية، فهو يختلق مركزاً قضائياً بقرار إداري». وقال ماضي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «شروط تعيين القاضي الرديف لا تتوفر إلا في حال غياب القاضي الأصيل، أما في هذه الحالة فالقاضي البيطار موجود، وهناك من يعطل التحقيق بخلاف إرادته»، مستغرباً بشدة كيف أن وزير العدل حدد مهام المحقق الجديد، ومؤكداً أن «الوزير ليس صاحب صلاحية ليحدد مهام المحقق، بل قانون أصول المحاكمات الجزائية، إن دور الوزير يقتصر على طرح اسم القاضي، ومن ثم يصدر القرار بعد موافقة مجلس القضاء».

وتجمع المراجع المتخصصة بعلم القانون على أن هذا التعيين يشكل سابقة غير معهودة بتاريخ القضاء، ووصف القاضي ماضي هذا الإجراء بأنه «احتيال على القانون»، رافضاً مزاعم أن المحقق الرديف لديه مهام محددة وضيقة جداً. وشدد على أن «المحقق الجديد يمتلك كامل صلاحيات المحقق العدلي الأصيل، وما يحصل محاولة التفاف احتيالية على القاضي البيطار لدفعه إلى التنحي». وسأل ماضي: «من يضبط الاختلاف إذا وقع بين القاضيين الأصيل والرديف؟ وأي منهما يصدر القرار الاتهامي إذا افترضنا أن البيطار سيعود لممارسة مهمته؟».

واعتبر النائب العام التمييزي السابق، أن «مهمة المحقق الجديد ليست مفروشة بالورود، بل ستكون معقدة جداً، في ظل معلومات عن استعداد فريق الادعاء لتقديم دعاوى رد ضده بما يؤدي إلى تكبيل يديه». ورأى أن المخرج قد يكون بلجوء المحكمة التي تنظر بدعوى رده إلى المادة 125 من قانون أصول المحاكمات المدنية، التي تنص على أنه «عندما يتبلغ القاضي طلب رده وتكف يده، وإذا طرأ شيء مفاجئ يمكن المحكمة حينها أن تعين قاضياً، وتكلفه البت بالطلبات المقدمة للقاضي المطلوب رده». ولفت إلى أن «محاولات تسريع وتيرة إطلاق سراح الموقوفين بملف المرفأ ستصطدم برأي فريق الادعاء الذي سيبدي رأيه بطلبات إخلاء السبيل، إلا إذا كان هناك من يخطط للبت بطلبات إخلاء السبيل دون الأخذ برأي جهتي الادعاء أو الدفاع، وبذلك نكون أمام فضيحة إضافية».