كتبت فاتن الحاج في “الأخبار”:
«إقفال الجامعة اللبنانية ممنوع»، مبدأ يتفق عليه كلّ من في الجامعة من رئيس وعمداء ومديرين وأساتذة ومدرّبين ملتزمين وغير ملتزمين بقرار الإضراب المستمرّ، نظرياً، منذ شهرَيْن ونيّف. الكلام نفسه يرد على لسان الكثيرين «لن ندع جامعتنا تنهار، وليس هناك من جامعة خاصة يمكن أن تحلّ مكانها، وليفهم كلّ من يشوّه صورتها: ما رح تسكر!».
الخلاف اليوم في الجامعة اللبنانية ليس على جدوى الإضراب وفعاليته في تحصيل الحقوق، إذ إن معظم أهل الجامعة باتوا مقتنعين بأن القرار النقابي دخل مجدداً، وللمرة الرابعة ربما، أفقاً مسدوداً، ولكن النقاش بين المكوّنات يطال حالياً «طريقة كسر حركة الأساتذة بالضغط الذي يمارسه عليهم المسؤولون الأكاديميون لتمرير الامتحانات، في تجاوز فاقع لكلّ القوانين المرعية، لا سيما العودة إلى الهيئة العامة للأساتذة، الجهة الوحيدة المخوّلة تعليقه». هذه الفوقية في التعاطي كما يسميها بعض من يرفض خرق الإضراب، تقابلها وجهة نظر يحملها الرئيس وبعض العمداء والمديرين والأساتذة والمدرّبين، وتتمسّك بعنوان إنقاذ مستقبل الطلاب، والحدّ من نزيف نزوحهم من الجامعة، وقطع الطريق على أي أهداف مشبوهة لضرب الصرح الوطني. جميع أهل الجامعة في ورطة، والكلّ يتخبط. الوقت ضاغط، ومن يسأل ما نفع الإضراب وماذا حقق؟ سيجد من يجيبه: معك حق، فماذا تقترح؟ وما هو البديل؟ وهل لدينا ورقة ضغط أخرى؟
أيّ تعليم ممكن؟
المراسيم التي أقرّت والتي في طور الإقرار، والتي تمنّن الدولة الجامعة بها، كزيادة على مساهمتها في موازنتها، لا تؤمن عودة إلى التعليم الحضوري، وهو مطلب أساسي للأساتذة لإنقاذ المستوى التعليمي في الجامعة بعد فشل تجربة التعليم عن بعد وحتى التعليم المدمج في كثير من الكليات، باعتبار أن الأخير، إذا طبّق على شاكلة العام الماضي، سرعان ما يتحوّل «أونلاين» لأكثر من سبب ومنها عدم قدرة الأساتذة والطلاب على الحضور وغياب المازوت والكهرباء والإنترنت، إلخ.
اللافت في السياق ما تتداوله أوساط جامعية بشأن استدعاء البطريرك بشارة الراعي لرئيس الجامعة، والقول له إنه من غير المسموح الإخلال بالتوازن الطائفي، لكون اعتماد التعليم الحضوري سوف يلغي عقود الكثير من الأساتذة المسيحيين الموجودين في الخارج. رئيس الجامعة يقول إنه لم يلتق البطريرك منذ عيدَيْ الميلاد ورأس السنة، نافياً صحة الأخبار المتداولة.
بحسابات بسيطة، ترتفع مساهمة الدولة في الجامعة من 366 مليار ليرة إلى 1268 ملياراً، إذا ما أضيفت 104 مليارات (نصف راتب لـ6 أشهر من كانون الثاني 2022 وحتى حزيران منه)، 50 ملياراً (راتب تحفيزي عن شهرَيْ أيلول وتشرين الأول كبدل حضور وإنتاجية)، 128 ملياراً (راتب كامل من شهر تموز إلى شهر كانون الأول ضمناً)، و120 ملياراً (مضاعفة أجر الساعة للمتعاقدين، لم يقرّ بعد)، و500 مليار (مصاريف تشغيلية، ينتظر إقرار قانون الموازنة العامة)
بدران: الموازنة لا تؤمن التعليم الحضوري
زيادة مساهمة الدولة في موازنة الجامعة لا «تُشغّل» المؤسسة حضورياً، هذا ما يقوله رئيس الجامعة لـ«الأخبار» بسام بدران، وبالتالي فإنّ التوجه في العام الجامعي المقبل هو للتعليم المدمج. ويجري البحث عن صيغ لضمان نجاح التجربة، مشيراً إلى أن التعليم الحضوري أولوية ولكن الأموال المجمّعة، وإن أتاحت تأمين الكهرباء والمازوت، لن تكون كافية لضمان انتقال الأساتذة والطلاب إلى الكليات. ويسارع بدران للتأكيد أن «هناك عاماً دراسياً جديداً ولا يمكن تخيّل لبنان من دون جامعته، والبرهان أن هناك كليات أنهت امتحانات العام الدراسي الماضي ومستعدة لبدء عام جديد، وكليات أجرت مباريات الدخول وتستكمل امتحانات العام الدراسي الماضي، ونبذل جهوداً حثيثة من أجل الحصول على الدعم اللازم لتسيير الأمور بأفضل الممكن».
حلواني: الجامعة لا تعمل
الرهان على «الحوافز» والمساعدات لا يزال حتى كتابة هذه السطور، «سمكاً في بحر»، وليس في حوزة رابطة الأساتذة المتفرّغين، كما يقول رئيسها عامر حلواني، ما تستند إليه لتدعو الهيئة العامة للأساتذة إلى الانعقاد، وإعادة النظر بقرار الإضراب، وإن كان رئيس الجامعة يشير إلى «أن مرسومَي الـ104 مليارات والـ50 ملياراً باتا في المراحل النهائية لتحويل الأموال إلى حسابات الجامعة، والذي يمكن أن يحصل اليوم». حلواني سخر مما سماه «حنية» الأساتذة على الطلاب واستسهالهم خرق القرار النقابي، واستخدام التورية لإظهار الجامعة «شغالة» أمام الرأي العام وهي في الواقع لا تعمل، وهناك خطر جدي على العام الدراسي.