كتب عمر البردان في “اللواء”:
تشكل جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، اليوم، محطة اختبار للكتل النيابية التي يسود موقفها من هذا الاستحقاق الكثير من الغموض، ما يجعل عملية انتخاب رئيس أمراً في غاية الصعوبة، إن لم يكن مستحيلاً، لأنه حتى لو اكتمل النصاب، وهو ما لن يحصل، فإنه سيتعذر انتخاب رئيس جديد، طالما أنه لم يتم الاتفاق على إسم معين، في وقت تكثفت الاجتماعات، أمس، بين القوى النيابية والسياسية، لبلورة مواقفها من الجلسة، في ظل الانقسام العامودي القائم بشأن عملية الانتخاب، بحيث أن كل المعطيات تشير، إلى أن الشغور سيحكم قبضته على مركز الرئاسة الأولى، لغياب التوافق على أي مرشح. وإن كانت هناك كتل ستقترع كما أعلنت بورقة بيضاء.
وإذا كانت معظم الكتل النيابية أعلنت عن مشاركتها في الجلسة، فإن الثابت أن هذه الجلسة سيصار إلى تأجيلها، بحثاً عن توافق مسبق على شخصية الرئيس. وفي ظل الظروف الراهنة فإن هناك صعوبة بالغة تعترض انتخاب رئيس يمثل الموالاة أو المعارضة، وبالتالي فإنه يستحيل انتخاب رئيس مواجهة، ما سيدفع الجميع إلى التسليم برئيس توافقي أو وفاقي، يكون على مسافة واحدة من الجميع، ويتمتع بمواصفات تجعل منه حكماً، قادرة على إيصال البلد إلى شاطئ الأمان، بالحوار والتفاهم ومد اليد إلى جميع المكونات.
ولذلك فإن مصير جلسة الانتخاب الرئاسية، سيكون مشابهاً لمصير الجلسات التي كانت تعقد قبل انتخاب الرئيس عون، وهو ما قد يتكرر في الجلسات المتتالية التي سيدعو إليها الرئيس بري، سيما وأن لا توافق على شخصية الرئيس العتيد، كما بات واضحاً، في ظل وجود عدد من المرشحين.
وفيما استقبلت بكركي بارتياح دعوة رئيس المجلس، لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وهو ما طالب به البطريرك الراعي في عظته الأخيرة، وبالتالي فإن ما يهم البطريركية المارونية، هو الإسراع في انتخاب الرئيس. لأن هناك خشية لدى القيادات الروحية المسيحية، من أن تذهب الأمور باتجاه الأسوأ، أي أن يكون الشغور في موقع الرئاسة الأولى حتمياً، إذا بقي الانقسام قائماً بين المكونات السياسية والنيابية. وهذا ما حذر منه البطريرك الراعي الذي يدرك أكثر من غيره، تداعيات مثل هكذا شغور على الواقع المسيحي، وعلى وضع البلد برمته .
وكشفت المعلومات، أن الدوائر البطريركية ستكون محور حركة سياسية وروحية لافتة، تزامناً مع تحديد الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس، في حين أشارت أوساط روحية مسيحية، إلى أن «استعجال الفاتيكان تعيين سفير جديد لدى لبنان، مؤدَّاه أن الكرسي الرسولي ينظر بكثير من الاهتمام إلى التطورات اللبنانية، وتحديداً ما يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، في إطار تنسيق عربي ودولي، ليست بعيدة منه عاصمة الكثلكة التي تجهد، لتلافي حصول شغور في الموقع المسيحي الأول» .
وفي حين تصدَّرت الدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية، فإن عملية تأليف الحكومة عادت إلى مربع العقبات والعراقيل، بعدما تبلغ رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي من رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل شروطاً جديدة، وهذا ما دفعه إلى تأجيل زيارته قصر بعبدا التي كانت مقررة أول أمس، للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو ما يُبقي التأليف عرضة لمزيد من العراقيل، بالرغم من كل الكلام عن وجود رغبة مشتركة من جانب الرئيسين عون وميقاتي، بتجاوز الخلافات القائمة، من أجل تأليف حكومة جديدة .
وأشارت المعلومات، إلى أن «حزب الله» يدعم بقوة وصول حليفه فرنجية إلى قصر بعبدا، لكنه لا يريد إحراج حليفه الآخر باسيل، ولذلك فإنه يتريث في إعلان موقفه من الاستحقاق الرئاسي، بانتظار اتضاح الصورة، في وقت كشفت مصادر أن الحزب مستاءٌ من تحرك السفير السعودي وليد بخاري، بعد دعم بلاده اجتماع النواب السنَّة في دار الفتوى، وهذا ما دفعه إلى توجيه انتقادات لبخاري دون تسميته .
واسترعت الاهتمام، عشية جلسة الانتخاب الرئاسي، الزيارة المفاجئة، في التوقيت والمضمون التي قام بها النائب باسيل على رأس وفد إلى «دار الفتوى»، حيث التقى مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان. وهي زيارة لم ترتح إليها الأوساط السنية، باعتبار أن رئيس «العوني» أراد استغلال هذه الزيارة، في محاولة منه لتبييض صفحته، وإعادة بناء الجسور مع الدول العربية، والخليجية تحديداً، سعياً منه لإعادة تلميع صورته، كمرشح للرئاسة . ولا يبدو بحسب أوساط إسلامية، أن زيارة باسيل للمفتي دريان، أو زيارة أخرى لمرجعيات إسلامية، ستخفف من تداعيات الغضب المزمن على ممارسات هذا الرجل وفريقه.