IMLebanon

الترسيم في ساعة الحسم

جاء في “الأخبار”:

توقّع مصدر رسمي أن يتسلّم لبنان خلال الساعات المقبلة رسالة عاجلة من الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. وقال المصدر إن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا طلبت موعداً عاجلاً لإبلاغ الرئيس ميشال عون آخر المستجدات ربطاً بما تبلغه الجانب الأميركي من رد إسرائيلي على المطالب اللبنانية، بما في ذلك الاقتراح بعدم العمل على النقاط البرية الخاصة بترسيم الخط الجديد، والذي كانت اسرائيل تريد انتزاعه بحجة وجود منطقة أمنية داخل المياه الإقليمية للبنان.

وقال المصدر الرسمي إن لبنان يتوقع بعد ذلك مسودة الاتفاق على شكل نص واضح يبيّن حقوقه من دون أي التباس. وأوضح المصدر أن لبنان أكد لهوكشتاين ضرورة عدم إرسال مسودة تتضمّن إشارة إلى النقاط البرية لأنها ستكون مرفوضة. وأن الوسيط الأميركي بنى على هذا الأساس تصوّره القائم على تحديد منطقة أمنية تبعد عن الشاطئ بقليل على أن يصار إلى البت بوضعها إمّا تحت وصاية الأمم المتحدة أو اعتبارها منطقة عازلة بين الطرفين.

وبحسب المصدر، فإن اقتراح لبنان جعل المنطقة الأمنية البحرية تحت وصاية القوة البحرية لقوات الأمم المتحدة لم يلق قبولاً من الجانب الإسرائيلي، فما كان على تل أبيب إلا القبول بالاقتراح الآخر الذي يقول بأن ما يجري العمل عليه لا علاقة له نهائياً بالنقطة B1، بالتالي فإن خط الطفافات لا يعني شيئاً، وتترك الأمور على حالها، وأن يصار إلى حصر النقاش بالخط 23 الذي يضمن لكل طرف البلوكات الكاملة التي تخصه. ورجح المصدر أن يكون هذا هو الحل إلا إذا بادر العدو إلى مفاجأة تدمر كل شيء.

وبناء عليه، قال المصدر إن الجانب الأميركي سيرسل إلى بيروت ما يكون قد نال موافقة إسرائيل، بالتالي فإن أحداً لا يتوقع المزيد من المفاوضات. وأن الرئيس ميشال عون يشكل فريقاً قانونياً وتقنياً وإدارياً سوف يعمل على درس المسودة بالتشاور مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، كما سيتم التشاور مع قيادة “حزب الله” التي تنتظر الموقف الرسمي للبنان حتى تقرر خطواتها المقبلة، مع الإشارة إلى أن السيد حسن نصرالله سيتحدث اليوم في مناسبة دينية في الجنوب، وسط توقعات بأن يتطرق إلى ملف ترسيم الحدود من زاوية التذكير بأن التسويف والمماطلة يهددان أي تسوية وأن الوقت غير مفتوح إلى ما لا نهاية.

وبحسب المصدر، فإن واشنطن التي تستعجل الحصول على موافقة مبدئية من الجانبين، تريد تحضير الأجواء لأجل إنجاز الاتفاق أو توقيع الأوراق في لقاء خاص يعقد في الناقورة بحضور ممثل عن الولايات المتحدة والأمم المتحدة قبل الإعلان رسمياً عن إنجاز الاتفاق. وأنه في هذه الحالة فإن إسرائيل ستعلن مباشرة الخطوات التنفيذية لاستخراج الغاز من حقل كاريش وبقية الحقول، كما ستعلن شركة «توتال» الفرنسية برنامجها لإطلاق عمليات التنقيب في الحقول اللبنانية وفق الاتفاقات المعمول بها مع وزارة الطاقة في لبنان.

في إسرائيل، تبدو المناخات «حذرة» للغاية في الساعات الأخيرة، وقيل الكثير في وسائل الإعلام الإسرائيلية عما سمي «في الطريق إلى الاتفاق مع لبنان» وجرى التركيز على «تقلص الجدول الزمني للاتفاق المحتمل، كون شركة «إنيرجيان» صاحبة حقوق التنقيب في حقل كاريش، تسعى للبدء باستخراج الغاز في منتصف تشرين الأول وهي تستعد من الآن لتجربة الضخ المعاكس للغاز، من الساحل إلى المنصة، قبل بدء الضخ إلى الساحل».

وقالت مصادر سياسية لإعلاميين إن هوكشتاين يعد «اقتراحاً نهائياً مكتوباً للطرفين، بعدما قدَّم أفكاره الأخيرة إليهما شفهياً»، وأنه من المتوقع أن «ينعقد المجلس الوزاري المصغر يوم الخميس المقبل في أول جلسة حول التسوية المقترحة».

وقرأ الإسرائيليون أن “حزب الله” خفف من كلامه التصعيدي، وقالت تقارير عبرية إن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، «لا يزال يهدد، لكن بنسبة أقل الآن. وهناك من يجد في مواقفه الأخيرة إشارات مشجعة على استعداده لقبول التسوية إذا تحققت». ونقلت عن مصادر معنية بالمفاوضات أن إسرائيل «قبلت» بأن «تبقى العقبة الأساسية التي ترتبط بترسيم دقيق للحدود على خط الساحل نفسه، من دون حسم وبقائها مفتوحة».

على أن هناك مشكلة لا تزال قائمة في إسرائيل وهي ليست موجودة في لبنان وتتعلق بمواقف المعارضين لحكومة يائير لابيد، حيث بدأ أتباع زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو الحديث عن إقامة احتجاجات في هذا الشأن قرب منزل لابيد في تل أبيب. من الممكن أيضاً لاحقاً تقديم اعتراضات إلى المحكمة العليا، في محاولة ضعيفة لطلب عرض الاتفاق على استفتاءٍ عام.

في السياق نفسه، يبدو أن جميع المعنيين بالاتفاق في لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة والغرب يهتمون للجانب الإخراجي من حيث الشكل. حيث يتوقع أن تكون هناك احتفالات في لبنان ابتهاجاً بالإنجاز الكبير، بينما ستروج الولايات المتحدة لمنطق المفاوضات كممر لتحقيق التسويات، فيما سيكون الأمر مادة للسجالات الواسعة في إسرائيل وسط حمى الانتخابات، خصوصاً مع الفريق الذي يعتبر أن لابيد خضع للمقاومة. وكان لافتاً ما قاله المستشرق والباحث المعروف في مركز بيغن-السادات، الدكتور إدي كوهين من أن حكومة لابيد خضعت للسيد نصرالله، ورداً على سؤال حول ما إن كان يصدّق أمين عام حزب الله، أجاب الدكتور كوهين: نعم أنا أصدقه.