كتب حسين زلغوط في “اللواء”:
بانتظار ما سيحمله ملف ترسيم الحدود البحرية هذا الأسبوع بعد الاجتماع المصغَّر في الحكومة الإسرائيلية يوم غد الخميس، بعد أن ردّ لبنان إيجاباً على العرض الأميركي الذي حملته سفيرة الولايات المتحدة في بيروت إلى الرؤساء الثلاثة والذي على أساسه حددوا موعداً عاجلاً في قصر بعبدا والذي انبثق عنه مواقف إيجابية للرئيس نبيه برّي ونجيب ميقاتي، فان الاهتمام عاد لينصب على اجراء الاتصالات والمشاورات بحثاً عن الطرق التي تؤدي إلى التفاهم على توليفة حكومية في غضون أيام قليلة. ومن خلال المعطيات القليلة المتوافرة حول هذا الاستحقاق فإن ملامح ايجابيات بدأت تلوح في أفق الاتصالات التي تجري بعيداً عن الأضواء وإن الثابت إلى الآن فإن المفاوضات السياسية تجري حول إمكانية تعويم الحكومة الحالية من خلال اجراء تعديلات في أسماء وزراء باتت شبه معروفة وهي المالية والاقتصاد والمهجرين، وهناك من يتوقع أن يشمل التعديل أيضاً وزارتي التربية، والتنمية الادارية، غير أن كل ذلك ما زال في اطار الأخذ والرد، وأنه في حال رست الأمور على اتفاق بهذا الخصوص فان الحكومة يفترض أن تبصر النور في غضون أيام قليلة.
وفي هذا السياق، فُهم من مصادر سياسية عليمة أن هناك جهات دولية تضغط في اتجاه أن يكون في لبنان حكومة مكتملة الاوصاف تكون قادرة على ملء الفراغ الرئاسي، والذي أصبح شبه محسوم في ظل الانشطار السياسي الموجود في الداخل اللبناني وعدم الاكتراث الخارجي بهذا الملف نظراً للإنشغالات الإقليمية والدولية بالتطورات الجارية في المنطقة، والتي تعتبر بالنسبة لهؤلاء أولية ومن الممكن أن ينتظر لبنان انقشاع الرؤية للإنصراف في اتجاه انتخاب رئيس في ظل أجواء محلية وخارجية مساعدة على إتمام هذا الاستحقاق، وقد سبق أن عاش لبنان عدّة مرات مراحل مشابهة في الأعوام السابقة.
وفي رأي المصادر أنه بعد أن وضع ملف الترسيم على سكة الاتفاق بضمانات أميركية، فان الجهود يجب أن تنصب في اتجاه تأليف حكومة تكون كاملة المواصفات والصلاحيات لتكون قادرة على ملء الفراغ الرئاسي، موضحة في هذا الخصوص أن ما تملكه من معلومات يُؤكّد بأن الوصول إلى مثل هكذا حكومة بات وشيكاً، وربما يكون على مسافة أيام قليلة، ما لم تخرج الشياطين وتعبث مجدداً بالتفاصيل.
وتؤكد المصادر السياسية أن الملف الحكومي وضع مجدداً على النار الحامية، أو وضع في العناية المشددة، بعد أن كادت حرب الكمائن والشروط المتبادلة بين الأطراف المقبلة أن تطيح الاسبوع الفائت بأي بصيص أمل بإمكانية تأليف حكومة، مشددة على ضرورة إبعاد شياطين التفاصيل ومنعها من النجاح مجدداًِ في إرباك الوضع ومعه الطبخة الحكومية من النضوج في وقت قريب، باعتبار ان الحكومة الراهنة تكاد تكون بمثابة الطلقة الأخيرة، وفي حال فشلت فإننا سنكون أمام جدل عقيم حول دور ومهمة حكومة تصريف الأعمال في ظل الشغور الرئاسي.
أما على خط الاستحقاق الرئاسي الذي لم يبقَ من مهلته الدستورية سوى 26 يوماً، فإن كل الوقائع والمعطيات تؤكد بأن الطريق لإنجاز هذا الاستحقاق ما تزال وعرة، وأن هناك الكثير من حقول الالغام الداخلية والخارجية التي ما تزال تعترض سبيل وصول شخصية متشنجة من المجلس النيابي الى قصر بعبدا لتسلّم الراية الرئاسية من الرئيس ميشال عون بدءًا من أول تشرين الثاني المقبل.
وعليه فإن الأجواء المقفلة حول هذا الموضوع تجعل الرئيس نبيه بري يتريث في الدعوة لأي جلسة انتخاب، لأنه يعرف أن أي دعوة في ظل هذه المناخات السياسية التي يُعبر عنها يومياً عبر وسائل الاعلام لن تكون أفضل من الدعوة الأولى حيث سيكون مصيرها الفشل.
ولذا، فإن الاختلافات الكثيرة حول مواصفات الرئيس المقبل حتى داخل الصف السياسي الواحد، تجعل التوقعات حتمية بحصول الفراغ الرئاسي لمدة غير قصيرة، إلا اذا حصلت تطورات محلية وخارجية فرضت واقعاً جديداً من الممكن الاستفادة منه بانتخاب رئيس، وهو توقع ذو حظوظ قليلة، كون أن ما يجري إن في الداخل أو الخارج لا يوحي بإمكانية حدوث أية مفاجآت يمكن أن توظف لصالح لبنان، لا بل إن ما هو معلوم يُؤكّد أن الطريق إلى قصر بعبدا ستكون مقفلة مع نهاية العهد الحالي، وأن تعبيد هذا الطريق سيكون صعباً بانتظار أن تتبلور الأوضاع على المستويات الدولية.
يبقى هناك ممر وحيد لبلوغ الشخصية التي يُمكن التوافق حولها لبلوغ قصر بعبدا، وهذا الممر يتمثل باتفاق القوى السياسية على استحضار الأجواء ذاتها التي حملت الرئيس ميشال سليمان إلى قصر بعبدا، بمعنى التفاهم على انتخاب قائد الجيش الحالي تحت عنوان الظروف الاستثنائية التي تواجه البلاد،وبهذه الحالة تسقط عن قائد الجيش وجوب اجراء تعديل دستوري.
وتعرب المصادر السياسية عن اعتقادها بأن العماد جوزف عون يُعدُّ اليوم الأوفر حظاً من بين لاسماء المطروحة لتولي الرئاسة الأولى، وأن اسم العماد عون يتم التداول فيه واسعاً في الأروقة السياسية وعلى مستوى بعض الدبلوماسيين العرب والاجانب، وأن تجربة قائد خلال توليه مهامه هي تجربة مشجعة حيث أنه قام بشبك علاقات مع العديد من القوى السياسية، ولم يقطع هذه العلاقة مع أحد، وهو كذلك يوصف من غالبية القوى السياسية بأن رجل محايد أثبت جدارة عالية منذ أن تولى مهامه كقائد للجيش، حيث خاض تجارب قاسية وأثبت عن روحية عالية في الذود عن لبنان، وفي تحسين صورة بلده تجاه الخارج.