كتب عمر البردان في “اللواء”:
فيما تتجه الأنظار إلى موقف إسرائيل المرتقب من العرض الأميركي الخطي، والذي أثار إرباكاً واضحاً داخلها، فإن لبنان الذي استطاع تحقيق إنجاز هام على هذا الصعيد، بحصوله على كامل حقوقه، قد سلَّم الجانب الأميركي الملاحظات التي أعدها حول مقترح الوسيط أموس هوكشتاين، والتي يبدو أنها كانت شكلية ولم تمس الجوهر، وهي كانت نتيجة توافق المسؤولين، في ضوء ما خلصت إليه اللجنة التقنية التي كلفت دراسة العرض الأميركي. وقد عبر المسؤولون اللبنانيون عن ارتياحهم لمضمون العرض الأميركي، ولحصول لبنان على كامل حقوقه. وكان هناك توافق على ضرورة بقاء الموقف اللبناني موحداً، في مواجهة أي محاولة إسرائيلية، للعودة عن الموافقة الأولية حيال هذا المقترح.
وأكدت مصادر لبنانية معنية بملف الترسيم أن « الكرة باتت في الملعب الإسرائيلي، بانتظار الموقف من الملاحظات اللبنانية»، محذرة من «أي محاولة للعودة عن المقترح الأميركي، أو العمل على رفض الملاحظات اللبنانية، باعتبار أن أي شيئ من هذا القبيل، سيفتح الأبواب على مرحلة شديدة الخطورة، لا يمكن التحكم بتداعياتها، في ظل استمرار التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله».
ومع تزايد الاهتمام بالملف الرئاسي، بعد تبني المعارضة ترشيح رئيس «حركة الاستقلال» النائب ميشال معوض لانتخابات الرئاسة الأولى، وهو ما ظهر في جلسة الانتخاب الرئاسي الماضية، كشفت أوساط معارضة بارزة، عن أن «موقف حزب الله برفض مجيء رئيس تحد، على ما قاله الشيخ نعيم قاسم، يؤكد بوضوح أن الحزب الذي فقد أي قدرة على إيصال مرشحه إلى قصر بعبدا، سيطيل أمد الشغور الرئاسي، ولن يعمل على تأمين نصاب أي جلسة انتخاب»، منتقدة قول رئيس مجلس النواب نبيه بري بأنه لن يدعو إلى جلسة انتخاب أخرى، إذا لم يحصل توافق: «فهذا أمر مخالف للدستور، وبالتالي على رئيس المجلس أن يدعو إلى جلسات متتالية بصرف النظر عن حصول التوافق أو عدمه».
وفي حين أعرب البطريرك بشارة الراعي، عن خشيته من أن يستمرّ ربط الجلسات الإنتخابية بالتوافق، سائلاً:«كيف لمجلس نيابي أن يعتبر الشغور هو الممكن أما الانتخاب فهو المستحيل؟»، أكدت مصادر روحية قريبة من البطريركية المارونية لـ«اللواء»، أن «لدى البطريرك خشية جديدة من إطالة أمد الفراغ، بحجة عدم حصول توافق على الرئيس الجديد، وهذا ما يتعارض مع الدستور الذي لا يتحدث عن توافق بشأن انتخاب رئيس الجمهورية»، مشددة على أن «بكركي لن تقبل بأن يصار إلى عرقلة عملية الانتخاب، باللجوء إلى سلاح إفقاد النصاب، طالما أنه لم يصر إلى تأمين توافق بشأن الرئيس العتيد».
وفيما شدد البطريرك، على أنه «إذا لم ينتفض النواب على أنفسهم وينتخبوا رئيساً سياديًّا، فلا يجب لوم الشعب إذا انتفض عليهم»، فإن المصادر، ترى أن بكركي تدعم وصول رئيس سيادي بكل معنى الكلمة، يحافظ على السيادة ويحمي الاستقرار، ويعيد الاعتبار لمؤسسات الدولة التي فقدت دورها بالكامل، بفعل أداء الطبقة السياسية، وفي الوقت نفسه، يعمل على تصحيح علاقات لبنان الخارجية، وتحديداً مع الأشقاء العرب»، مشيرة إلى أن «الكنيسة المارونية، لا تجد سبيلاً لإنقاذ لبنان، إلا بإعادة دعمه مالياً من جانب الدول الخليجية الصديقة، إلى جانب مساعدات الدول الصديقة والمؤسسات المالية الدولية. ولهذا لا بد من أن يكون رئيس الجمهورية الجديد، شخصية تتمتع بأفضل العلاقات مع الأشقاء العرب والدول المحبة للبنان».
وفي حين يتوقع أن يزور الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، اليوم بكركي، للقاء البطريرك الراعي بعد عودته من مقره الصيفي بالديمان، والبحث معه في مختلف التطورات الداخلية، وتحديداً ما يتصل بتأليف الحكومة، فإن المصادر تسأل، عن «الأسباب الجوهرية التي لا تزال تحول دون ولادة حكومة جديدة. وهذا أمر يثير الكثير من الاستغراب، ويطرح علامات استفهام حول النوايا التعطيلية التي تطل برأسها من خلال الإمعان في عرقلة عملية التأليف التي باتت ضرورة ملحة في ظل الظروف الضاغطة التي يمر بها البلد».
في وقت علمت «اللواء» أن البطريرك الراعي سيحث الرئيس ميقاتي على الإسراع في عملية تشكيل الحكومة، لمواجهة تداعيات حصول أي شغور في موقع الرئاسة الأولى، وهو أمر ترفضه بشدة الدوائر البطريركية التي تشدد على ضرورة أن يحصل الانتخاب في المهلة الدستورية، بالنظر إلى مخاطر عدم حصوله، على المسيحيين وعلى البلد برمته.
وفي السياق، ينتظر أن تشهد بكركي، حركة سياسية ودبلوماسية لافتة، محورها الانتخابات الرئاسية، في حين أشارت أوساط روحية مسيحية، إلى أن «استعجال الفاتيكان تعيين سفير جديد لدى لبنان، مؤداه أن الكرسي الرسولي ينظر بكثير من الاهتمام إلى التطورات اللبنانية، وتحديداً ما يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، في إطار تنسيق عربي ودولي، ليست بعيدة منه عاصمة الكثلكة التي تجهد، لتلافي حصول شغور في الموقع المسيحي الأول».