كتب عمر البردان في “اللواء”:
إذا سارت الأمور وفق البرنامج الأميركي الموضوع، فإن التوقيع على الاتفاق بشأن الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، مرجح الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، في ظل الأجواء الإيجابية التي سادت في البلدين، بعد الإعلان عن هذا الاتفاق، والذي تزامن مع وجود وفد رفيع من شركة “توتال” في بيروت . وهو أمر لم يكن مصادفة، في ظل سعي الشركة الفرنسية لإنجاز الترتيبات المتصلة ببدء عمليات التنقيب من حقلي “قانا” و”كاريش” . وبات ملف الترسيم بعد هذه التطورات التي حصلت، يتصدر واجهة الاهتمامات الداخلية، في وقت لا يتوقع حصول أي مفاجأة من جلسة الانتخاب الرئاسية الخميس المقبل، وإن كانت الجلسة في حال انعقادها، ستشهد زيادة في الأصوات التي سيحصل عليها مرشح المعارضة النائب ميشال معوض .
وكشفت المعلومات المتوافرة لموقع “اللواء”، أن الأميركيين الذين وضعوا كل ثقلهم للدفع باتجاه إنجاز اتفاق الترسيم، يحاولون السعي لتقريب موعد التوقيع على الاتفاق، وسط ترحيب أوروبي بما تحقق، في ظل حاجة الأوروبيين إلى غاز المنطقة، كبديل عن الغاز الروسي، في وقت يأمل الجانب اللبناني الإسراع في خطوات البدء بالتنقيب عن الغاز في حقل قانا، بعدما أبدى وفد “توتال” الاستعداد للانطلاق بعمليات التنقيب، بعد اتخاذ الإجراءات التقنية المطلوبة . ويجهد العهد من أجل أن يحصل التوقيع على الاتفاق بشأن الترسيم، في ما تبقى من ولاية الرئيس ميشال عون، في وقت لم تتضح الصورة بعد بما يتصل بالموقف الإسرائيلي من هذا الموضوع، والذي يخضع لحسابات انتخابية داخلية لم تعد خافية على أحد .
وفي الوقت الذي بدأت الآمال تتراجع بولادة قريبة للحكومة، بعد رفض الحاسم الذي أبداه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لشروط رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، فإن أسهم الشغور الرئاسي بدأت بالارتفاع، مع اقتراب موعد انتهاء الولاية الرئاسية، دون أن تتمكن المكونات النيابية من التوافق على اسم لانتخابه رئيساً للجمهورية . وحتى أنه داخل الفريق الواحد، ما زالت الأفكار متباعدة بشأن هذا الأمر، بحيث أن النواب التغييريين ، لن يصوتوا لصالح النائب معوض في جلسة الخميس، في حين أن قوى الموالاة ستقترع، كما الجلسة السابقة بالورقة البيضاء، في سيناريو يرجح له أن يستمر في الجلسات المقبلة .
وفيما تتجه الانظار إلى التحرك المتواصل للسفير السعودي وليد بخاري على القيادات السياسية والروحية والأمنية، فإن مصادر متابعة للملف الرئاسي، تكشف لموقع “اللواء”، أن هذا التحرك إنما يحظى بغطاء خليجي، لتهيئة المناخات المناسبة التي تسمح بانتخاب رئيس للجمهورية، بإمكانه أن يعيد وصل ما انقطع مع العالم العربي والمجتمع والدولي، وفي الوقت نفسه السعي من أجل التمسك باتفاق الطائف، والعمل تالياً على تنفيذ ما تبقى من بنوده، في ظل الدعم العربي والدولي لهذا الاتفاق، وعدم القبول بأي توجه لتغييره، أو تعديل بنوده .
ويتوقع في هذا الإطار، أن يواصل السفير بخاري تحركه باتجاه القيادات اللبنانية، من أجل بلورة تصور مشترك، يقود إلى تعبيد الطريق أمام انتخاب شخصية مقبولة من جميع الأطراف، تعيد الثقة الخارجية بالمؤسسات اللبنانية، وتتمكن من إعادة مد الجسور مع الخارج، ما سيسهل المهمة أمام لبنان، لاستعادة عافيته ودوره في المنطقة.