كتبت لينا الحصري زيلع في “اللواء”:
في الوقت الذي تدور فيه الملفات السياسية والحكومية والاقتصادية في فلك الفراغ باستثناء ملف ترسيم الحدود البحرية الذي أنجز بناءً لضغط دولي وتحديدا أميركي -فرنسي لضرورات أوروبية ودولية متعلقة بسد الحاجة للغاز نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية، فمن المؤكد ان كل المعطيات المتوفرة تشير بأن الجلسة الثالثة لانتخاب الرئيس غدا ستنتهي بالفشل كسابقتها وستضاف الى عداد الجلسات غير المحدود حتى اليوم، علما اننا بتنا نخطو على بُعد أيام قليلة من موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الى الفراغ الحتمي رغم مناشدات المجتمع الدولي للمسؤولين اللبنانيين بضرورة حصوله في الفترة الدستورية، والمفارقة هي ان معظم القوى السياسية تتفق على مواصفات وبرنامج الرئيس المقبل ولكنها لا تزال تختلف على شخصيته في ظل عدم التوافق على إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري مما يؤكد تعمّدها الإطاحة بهذا الاستحقاق بعد أن بات الفراغ عرفا وأمرا طبيعيا عند كل استحقاق رئاسي.
مصادر قريبة من الرئيس نجيب ميقاتي تعتبر عبر «اللواء» بأننا في مرحلة ترقّب خصوصا ان الأيام القليلة المقبلة حاسمة على كل الصعد، وتكرر تأكيدها بأن الرئيس ميقاتي لم يعد بإمكانه تقديم أي تنازلات جديدة بالنسبة لتشكيل الحكومة لأنه قدّم ما عنده من تسهيلات منذ اليوم الأول لتكليفه وما يهمّه هو توظيف كل إمكانياته لإخراج البلد من أزمته والحفاظ على دستوره الذي هو خط أحمر، وأشارت المصادر الى ان الحراك والمشاورات رغم استمرارها فإنها لن تفضي بعد الى أي نتيجة بسبب تمسّك رئيس «التيار الوطني الحر» بمطالبه، وتلفت المصادر الى ان المنطق يقول بوجوب تشكيل حكومة كاملة المواصفات قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ولكن المعطيات حتى الآن لا تبشّر بذلك بإنتظار اتصالات الربع ساعة الأخيرة، رغم ان الوقت أصبح ضاغطا فأي حكومة جديدة تحتاج الى بيان وزاري لتنال ثقة المجلس النيابي على أساسه.
وردا على سؤال حول إمكانية عقد جلسة ثقة نيابية في ظل تحول مجلس النواب الى هيئة ناخبة، تلفت المصادر الى ان لا شيء يمنع إذا اقتضى الأمر ذلك.
المصادر تشدد على ان الطائف هو دستور لبنان و«نقطة على السطر»، وترى انه إذا كانت هناك حاجة الى تعديلات بسيطة فالأمر يتم بالتوافق على ذلك لاحقا، وتعتبر المصادر انه لا يمكن لأحد المس بإتفاق الطائف وتشير الى انه وقبل الحديث عن وجوب القيام بأي تعديلات يجب التوافق أولا على الحكومة، وتلفت المصادر الى عجز الأطراف السياسية على الوصول الى نقاط مشتركة بالنسبة لتسمية الوزراء فكيف إذا كان الأمر يتعلق بالدستور؟
مصادر نيابية قواتية تعتبر ان الأولوية حاليا هي انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية لتحاشي الوقوع مجددا في الفراغ، وتشير الى ان المجلس النيابي لا يزال أمامه فرصة لانتخاب رئيس وهو لم يستنزف كل المراحل بعد، وإذ تشدد المصادر على وجوب بذل كل الجهود للوصول الى رئيس، تؤكد ان موقف «القوات اللبنانية» واضح منذ البداية ومرشحها معروف، وتلفت الى انها لا تزال تجري مشاورات مع جميع الأطراف لا سيما مع الحلفاء للتوافق على الرئيس، وتدعو الفريق الآخر لتبنّي مرشح محدد ولتأخذ بعدها اللعبة الديموقراطية دورها بشفافية، مستغربة عدم طرح الفريق الآخر اسم مرشحه حتى الآن على الرغم من ان مدة ولاية رئيس الجمهورية شارفت على الانتهاء.
وتشدد المصادر على وجوب انتاج رئيس للجمهورية من خلال التوافق بين اللبنانيين، وفي المقابل لا تتوقع المصادر أن تطول فترة الفراغ أكثر من أشهر قليلة.
وحول علاقة باسيل مع «حزب الله» واشادته بأمينه العام حسن نصر الله في خطابه يوم السبت الماضي، تعتبر المصادر انه ورغم علم باسيل بعدم وجود أي أمل بأن يتبنّى الحزب ترشيحه فهو يستمر بسياسة الغزل لأنه يريد أن يحفظ موقعه وموقع تياره ما بعد خروج عمه وفريقه السياسي من رئاسة الجمهورية لذلك هو بحاجة لغطاء «حزب الله» لاستمراريته في حياته السياسية لان المعطيات تشير الى ان لديه وضعية في التيار لا تبشّر بالخير ولن تكون لصالحه وسيكون أمامه تحديات كبرى.
وحول الخوف من مطالبة البعض بتعديل اتفاق الطائف ترفض المصادر رفضا باتا أي حديث عن الانقلاب على الدستور وتقول: «لا يمكننا كل يوم وضع دستور جديد للبنان، ولكن في الوقت ذاته لسنا ضد إعادة النظر بالتجربة السياسية، علما ان الدستور ليس حالة ثابتة بل دينامية متحركة نتيجة التجارب، فإذا وجدنا ان هناك بعض الثغرات البسيطة وغير الجوهرية من واجبنا الجلوس مع بعضنا البعض وتطوير دستورنا بشكل يتلاءم مع العمل السياسي وبحركة مؤسساتنا كدولة».
وعن السبب الذي دفع السفير السعودي وليد البخاري لكتابة تغريدة عن وثيقة الوفاق الوطني والبديل عنها هو تفكيك للعيش المشترك وزوال الوطن الموحد تقول المصادر: «انه يمكن أن يكون لدى السفير السعودي معطيات محددة وهو عبر بطريقته».
وعن إمكانية توافق الأطراف اللبنانية على انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون تقول المصادر: «كل شيء ممكن».
وتختم المصادر بإعتبار ان المرحلة القادمة تحتاج الى رئيس سيادي حقيقي يمكنه أن يجمع كل اللبنانيين ولا نريده أن يكون رئيس يعمل لإرضاء البعض على حساب ما هو مطلوب ، كما نريده ان يكون إصلاحي على مستوى الدولة التي انهارت ووجوب إعادة هيكلة مؤسسات الدولة والقطاعات الاقتصادية وبنائها من جديد.