كتب داود رمال في “أخبار اليوم”:
معبرة جدا الرسالة التي اراد توصيلها الحبرالاعظم البابا فرنسيس في طريق العودة من البحرين الى روما، اذ ليس كلاما عابرا ان يقول الجالس على كرسي بطرس “لبنان وجعي لانه ليس بلدا بحد ذاته، وقد اكد ذلك الباباوات قبلي: لبنان ليس بلدا، لبنان رسالة . للبنان معنى كبير لنا جميعا. ولبنان يتألم في هذه اللحظة. اصلي وأستغل الفرصة لاوجه نداء الى السياسيين اللبنانيين: ضعوا المصالح الخاصة جانبا، انظروا الى البلد واتفقوا. اولا الله ثم الوطن وبعدها المصالح، لكن الله والوطن اولا”.
لم يتوقف الحبر الاعظم عند هذا الحد انما زاد في القول “في هذه اللحظة، لا اريد القول “انقاذ لبنان” لاننا لسنا مخلّصين. لكن، رجاءً مساندة لبنان كي يتوقف عن طريق الهبوط هذه. كي يستعيد لبنان عظمته، هناك وسائل؛ هناك كرم لبنان. كم من لاجئين سياسيين هناك في لبنان. لبنان هو كريم الى هذه الدرجة لكنه يتألم”.
في هذه الكلمات اوضح قداسة البابا للمرة الاولى وبطريقة غير مباشرة، لماذا لم تتم زيارته الى لبنان، قد يظن البعض ان كلماته فيها دعم ورجاء، وهذا صحيح، انما الاصح ان موقف البابا فيه من القساوة بحق الطبقة السياسية يظهر كم ان المشكل كبير جدا مع الفاتيكان.
والاخطر هو عملية الربط التي اجراها البابا بين النازحين واللاجئين السياسيين، وهذا تطور خطير بأن يصبح توصيف النازح “لاجئ سياسي” مع ما يرتبه ذلك وفق القانون الدولي من التزامات على لبنان لا طاقة له على تحملها. والسؤال الذي يطرح: هل النازحون السوريون الذين يفوق عددهم المليوني نازح هم لاجئون سياسيون؟، وهل هكذا ينظر اليهم الفاتيكان؟، اذا كانت نظرة الفاتيكان للنازحين في هذا الاتجاه، فهذا يعني ان النتيجة خطيرة جدا. وهنا سؤال آخر: ماذا تفعل الدبلوماسية للبنانية لتوضيح الموقف وجلاء الحقيقة في هذا الملف؟، والسؤال الاخطر: هل هناك امر ما يحظى برضى الطبقة السياسية؟ انه سؤال كبير.
وبينما لبنان يتحسّر على تضييع فرصة زيارة البابا فرنسيس نتيجة “الصبيانية السياسية”، فان ما اعلنه الحبر الاعظم في البحرين يؤشّر بشكل واضح الى قرب زيارته المنتظرة الى ايران، اذ يكفي الاقتباس المعبّر عن الامام علي الذي استشهد فيه اثناء لقائه مجلس علماء الاسلام في البحرين اذ قال “اقتبس من الامام علي: الناس صنفان، أخ لك في الدين او نظير لك في الخلق”. وان يقال هذا الكلام في البحرين يعني الكثير للمرجعيتين الشيعيتين في النجف وقم، وزيارة البابا الى البحرين تعني اقتراب زيارة ايران والتي ستكون تاريخية بكل المقاييس.
وما يدلل على ان لبنان، ونتيجة السياسات الرعناء، فقد جزءا من دوره، هو عقد البابا اللقاء المسكوني لبطاركة واساقفة الشرق في البحرين، بينما المكان الطبيعي هو لبنان الذي كان يؤمل ان يكون هو المكان الارحب لكل اللقاءات التي من شأنها اعلاء فكرة الاخوة الانسانية.
المطلوب مراجعة لبنانية سريعة وان يكون في صلب اولويات العهد الجديد تصحيح العلاقة مع الفاتيكان، بعدما أمعن لبنان الرسمي في تشويهها والتعاطي مع هذا الموقع العالمي المؤثر بعدم مسؤولية تصل الى حد فعل الجريمة بحق لبنان الوطن والشعب والرسالة.