IMLebanon

فشل عون وتبدُّل الظروف يفرضان تبدُّل مقاربة الملف الرئاسي

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

لماذا يدعو حزب الله، لإستبعاد مرشح التحدي لإنتخابات رئاسة الجمهورية حاليا، وهو الذي فرض عليهم انتخاب العماد ميشال عون، بقوة السلاح بالانتخابات الرئاسية الماضية؟

سببان رئيسيان يفرضان على حزب الله الدعوة لاستبعاد انتخاب رئيس تحدي كما يسميه، قادته ونوابه، اولهما، افتقاد الحزب للاكثرية النيابية المتحالفة، التي تخوله خوض الانتخابات بمرشح تحدي يفرضه فرضا، بسبب التركيبة الجديدة للمجلس النيابي، التي افرزت قوى وتكتلات نيابية متقاربة بالتوازنات بينها، ولم تفرز اكثرية تحكم، واقلية تعارض، ما ادى الى صعوبة بالغة، لدى اي طرف من الاطراف، او التحالفات القائمة في فرض او تأمين فوز مرشحها، مقابل مرشح الاطراف المقابلة.

اما السبب الثاني، فهو فشل خيار الحزب بفرض العماد ميشال عون كمرشح تحدٍّ بالانتخابات الرئاسية الماضية، بعدما عطل الانتخابات الرئاسية لأكثر من عامين متتالين، وقطع الطريق على أكثر من مرشح رئاسي توافقي، والذي انتهى عهده منذ ايام بأكبر كارثة اقتصادية ومالية يواجهها لبنان بتاريخه، بالرغم من كل محاولات الحزب التهرب من مسؤوليته المباشرة بوصول عون لسدة الرئاسة، ودعمه لسياساته وممارساته الفاشلة.

الانتخابات الرئاسية هذه المرة، تختلف عن الانتخابات الرئاسية السابقة، محليا واقليمياً ودولياً.  إذ ان حلفاء الحزب انفسهم، وفي مقدمتهم، رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي كان معارضاً لانتخاب عون للرئاسة، ولم يكن على تفاهم معه ومع صهره النائب جبران باسيل طوال ولايته، يجهد للتوصل إلى تفاهم مع مختلف القوى السياسية على مرشح توافقي مقبول من كل الاطراف، لعدم تكرار تجربة انتخاب رئيس تحدٍّ، مثل ميشال عون التي انتهت بعزلة العهد عن اللبنانيين والعرب، وبنتائج كارثية وخراب مؤسسات الدولة اللبنانية.

والاهم، ان أي  رئيس تحدٍّ يفرضه الحزب، بالتحالف مع الاخرين، او بالاستقواء بسلاحه، وإن كان مثل هذا الخيار مستبعدا، لمحاذير وانعكاسات سلبية، سيتسبب بانقسامات داخلية، وبمقاطعة عربية، وعزلة من الخارج، ما يُبقي لبنان في دوامة الازمات والمشاكل الضاغطة، وخارج دائرة الاهتمام، ومد يد المساعدة والدعم من الاشقاء العرب والدول الصديقة معاً، لتجاوز الازمة الضاغطة.

كان هدف حزب الله لدى انتخاب العماد عون رئيساً، تنصيب رئيس للجمهورية، الانحياز بلبنان الى جانب المحور الايراني المعادي للعرب، والدفاع عن سلاح الحزب  ودوره في الداخل والتغاضي عن تدخلات بالحرب الأهلية بسوريا والعراق واليمن، وكانت النتيجة الانهيار والدمار الذي لحق باللبنانيين.

لا يمكن الركون لموقف حزب الله المبدئي من الاستحقاق الرئاسي، لانه قد يبدله متى كانت موجبات التحالف مع ايران تستوجب ذلك، ويبقى ما يعلنه من باب المناورة، بانتظار الفرصة الملائمة التي يستطيع من خلالها ايصال مرشحه، بالتفاهم او بالحيلة.

ولكن هذه المرة، اختلفت الظروف بعد التوقيع على اتفاقيه ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وانخراط الحزب بهذه الاتفاقية، من وراء الجدران، بالرغم من كل محاولات، التهرب والنكران والتلطي وراء الدولة اللبنانية.

وما كان يسري بالانتخابات الرئاسية الماضية، لم يعد ممكناً في الانتخابات الرئاسية الحالية، ولذلك البحث عن رئيس جمهورية توافقي هو الخيار المرجح، بعد تنفيس الوضع الامني وتباشير استخراج النفط والغاز جنوباً.